"حيتان فساد" في صلاح الدين

2021-01-24 19:51:59

الحصاد draw:

الحرة

ملفات فساد واختلاسات وسوء ائتمان وإدارة، بهذه الاتهامات يمكن تلخيص الأجواء التي تسود محافظة صلاح الدين (شمالي بغداد)، بعد انتشار وثائق تتحدث عن عقود وتلزيمات بأرقام مالية ضخمة تجاوزت المليارات، لمشاريع وملفات وهمية وتنفيعات شخصية.

وانتشرت يوم أمس السبت وثيقة تتهم محافظ صلاح الدين عمار الجبوري بشراء أجهزة تعفير (تعقيم) بأكثر من 2 مليون دولار، في وقت لا تتجاوز أسعار هذه الأجهزة الـ900 مليون دينار عراقي (أكثر من 600 ألف دولار).

وقال النائب عن صلاح الدين جاسم الجبارة، في وقت سابق، أن محافظته تحتل النصيب الأكبر من الفساد، مشيرا إلى أن المحافظة ومنذ 10 سنوات مثقلة بالمشاريع الوهمية.

ولكن الصحافي العراقي، مقداد الحميدان، يؤكد أن "هناك أكثر من 13 ملف فساد  في المحافظة، وأبرزها تأهيل وصيانة الكهرباء، وتركيب كاميرات حرارية، ومستشفى قسطرة القلب، وصفقة وضع حاويات نفايات".

وأوضح الحميدان، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "مركز قسطرة القلب كلفته مليارين و800 مليون دينار عراقي، في الوقت الذي تم إقرار المشروع  بقيمة 5 مليار، أي تمت مضاعفة السعر تقريباً".

وزودت مصادر مطلعة، موقع الحرة، بمزيد من عقود التجهيز، مشيرة إلى أن هذه المستندات كفيلة بالكشف عن حجم الفساد  في محافظة صلاح الدين، وهي على الشكل التالي:  

أولاً، تجهيز كاميرات حرارية:

 تم إبرام أكثر من عقد لتجهيز كاميرات تعمل على الطاقة الشمسية في المحافظة، الأول كان بقيمة  28 مليار دينار عراقي، والثاني بـ 15 مليار دينار ، مع المقاول نفسه.

عقد بقيمة ثمانية وعشرون مليار دينار عراقي لتركيب كاميرات

عقد بقيمة ثمانية وعشرون مليار دينار عراقي لتركيب كاميرات

 

عقود متتالية وبأرقام ضخمة لتركيب كاميرات تعمل على الطاقة الشمسية

عقود متتالية وبأرقام ضخمة لتركيب كاميرات تعمل على الطاقة الشمسية

وتظهر الصور التالية بعض الكاميرات التي وضعت في شوارع معينة بالمحافظة، ولم تحقق الغاية منها، إذ أنّ غالبيتها لا يعمل، بحسب ما قاله الصحافي العراقي، زياد السنجري، لموقع "الحرة".

صورة تظهر الكاميرات في احد شوارع صلاح الدين

صورة تظهر الكاميرات في احد شوارع صلاح الدين

 

الكاميرات "شكلية" وغير مطابقة لمواصفات العقد

الكاميرات "شكلية" وغير مطابقة لمواصفات العقد

الكاميرات من "صناعة الصين"

الكاميرات من "صناعة الصين"

كما قال الحميدان: "إذا تم تنفيذ بعض هذه العقود، كتلك المرتبطة بتجهيز كاميرات حرارية فهي غير مطابقة للمواصفات المنصوص عنها، فضلاً عن وضعها على بعض الأعمدة وبصورة شكلية".

 

ثانياً، مركز السرطان:

ووفقاً لمصادر  من مجلس المحافظة، تم الموافقة على مشروع إنشاء مركز للسرطان بقيمة 16 مليار دينار عراقي، إلا أنّ الوثائق تثبت وضع المشروع في قائمة المحافظة بقيمة 25 مليار دينار عراقي، ومن ثم تم إبرام العقد بزيادة أكثر من 3 مليارات، وهي مبالغ مرصودة لمشروع لم ينفذ بعد.

مشروع مركز السرطان لم ينفذ على أرض الواقع

مشروع مركز السرطان لم ينفذ على أرض الواقع

الوثائق تثبت إضافة مليارين على المبلغ المدوّن

وأكّدت المصادر نفسها، أنّه تم إقرار مشروع إنشاء مركز للسرطان في صلاح الدين منذ حوالى سنة ونصف السنة، ولكن تحول المشروع إلى قسم داخل مستشفى تكريت التعليمي الذي قامت بإنشائه إحدى المنظمات الدولية  أساساً، في وقت ساهمت المحافظة في جزء بسيط فقط من التجهيزات".

وفي هذا السياق، أشار السنجري إلى أنّ "هناك مشاريع عدة قامت بها منظمات دولية، تم وضعها ضمن خانة برامج المحافظة في صلاح الدين، ونينوى أيضاً".

ثالثاً، ملف الكهرباء

وبالنسبة لملف الكهرباء، فقد تم إبرام عقد بين المحافظة وأحد المقاولين لتجهيز مواد كهربائية لصيانة الشبكات في عموم المحافظة بقيمة حوالى 14 مليار دينار عراقي، في حين لم يشعر سكان صلاح الدين بأي تحسن لو بسيط في التيار الكهربائي، بحسب ما ذكره أكثر من مواطن داخل المحافظة لموقع "الحرة".

عقد بقيمة أربعة عشر مليار دينار عراقي لتجهيز الكهرباء

عقد بقيمة أربعة عشر مليار دينار عراقي لتجهيز الكهرباء

"مجلس المحافظة"

وفي هذا السياق، أكّد أحد الأعضاء في مجلس المحافظة (رفض الكشف عن اسمه)، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ الوثائق جميعها صحيحة، ويمكن اعتبار ملفي الكهرباء ومركز السرطان من الأكثر فسادا.

وشدد على أنّه "بالنسبة للكهرباء تحديداً، فالصعوبة تكمن بأنّ الأوراق سليمة من حيث الشكل، إلا أنّ هناك تلاعباً في أصل المبلغ، وإنجاز المشروع صفر".

اتهامات

بدوره، شدد السنجري، على أنّ "هناك حيتان فساد كبرى تنخر في المحافظات المنكوبة، والتي تعاني بعد تحريرها من داعش من سيطرة المليشيات الإيرانية التي تستفيد من كل ملف فساد".

وأضاف  السنجري، في حديثه لموقع "الحرة"،  أنّ "محافظ صلاح الدين عمار جبر الجبوري يتحمل مسؤولية هذه العقود التي راحت أرباحها لجيوب الفاسدين والجماعات الموالية لطهران، بالإضافة إلى المحافظ السابق، النائب أحمد الجبوري المعروف بـ"أبو مازن"".

وفي هذا السياق، برزت تغريدة  للنائب السابق مشعان الجبوري، الذي قال فيها إنّ "محافظ صلاح الدين سيعرض قريباً عبر وسائل الاعلام وثائق تظهر  كيف سرق المحافظ السابق أبو مازن مئات المليارات"، فضلاً عن عرضه وثائق لما ذكر أنها "منح امتياز استخراج النفط".

 

كما أكّد عضو مجلس المحافظة (الذي رفض الكشف عن اسمه) أنّ "المحافظ عمار جبر الجبوري تلاعب على الجميع لكي يحقق منافع مالية، وأنّ جميع الوثائق التي تتحدث عن قضايا فساد مرتبطة بالمحافظة صحيحة لاسيما تلك المتعلقة بمركز السرطان وملف الكهرباء".

المحافظ.. غائب عن السمع

وللوقوف على رأيه حول الاتهامات الموجهة إليه، حاول موقع الحرة الاتصال بالمحافظ ومراسلته دون الوصول إلى نتيجة.

وهنا، أشار مصدران في المحافظة، لموقع "الحرة"، إلى أن الجبوري "غائب عن السمع" وهو "لا يجب على أي مكالمة حتى من الأرقام المسجلة لديه".

على من تقع المسؤولية؟

وبالعودة إلى الحميدان، فقد حمّل مسؤولية ملفات الفساد في المحافظة إلى "الرقابة المالية التي لم تدقق حتى الآن بأي من هذه الوثائق، هيئة النزاهة، ورئاسة الوزراء ولجنة مكافحة الفساد التي لم تحقق ولم تستدع أي مسؤول في صلاح الدين".

واعتبر أنّ "محافظة صلاح الدين من أفسد المحافظات على مستوى العراق بسبب كمية الفساد الموجود فيها".

بينما رأى السنجري أنّ  "ما يحصل ليس مرتبطاً في الفساد وحسب، وإنما هناك مخططات لتجريدها من الأمن والمستلزمات الأساسية للحياة، مشيرا إلى أن "هجمات أمنية واختفاءات قسرية وقتل، وكل ذلك لجعل الأهالي في حالة خوف وتبعية للمليشيات".

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand