مِن آشتي هورامي الى كمال الأتروشي
2021-01-08 09:11:05
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت
ترجمة : ك. ق
زمن آشتي هورامي انتهى الاسبوع الماضي، الرجل الذي كان يمسك زمام ملف نفط وغاز اقليم كوردستان ويحمله بشكل غير شفاف داخل حقيبته لأكثر من (14) سنة.
يمنح برلمان كوردستان يوم الاربعاء بـ(كمال الأتروشي)، بعد آشتي هورامي، يُعَدَ ثاني وزير للموارد الطبيعية في تأريخ اقليم كوردستان، هل نشهد نهاية حقبة آشتي هورامي؟ هل يرجع ملف النفط من لندن الى اربيل؟ هل بإستطاعة مسرور البارزاني اخذ زمام الملف النفطي تماماً من نيجيرفان البارزاني؟
من هو بديل آشتي هورامي؟
كمال الأتروشي، مرشح مسرور البارزاني لمنصب وزير الموارد الطبيعية، سيرة حافلة مليئة ببالدراسة والعمل في المجال النفطي، فضلاً عن هذا كله وبحسب معلومات (الحصاد)، إن مسعود البارزاني رئيس البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) يسانده.
أي ان له خبرة وتجربة في المجال النفطي من جهة، كما لديه مساندة سياسية من جهة اخرى، لكن السؤال المطروح هل يقدر الاتروشي مع هذه المساندة القوية اخراج نفط الاقليم من المشاكل وعدم الشفافية ويجعلها على مسار مناسب بحيث تكون وارداته في خدمة شعب كوردستان وانقاذه من هيمنة المتنفدين؟
ولد الاتروشي سنة 1955، حصل على شهادة البكالوريوس في الجيولوجيا من كلية العلوم في جامعة بغداد، بعد اكمال الدراسة بدء بمزاولة العمل في مجال الـ(جيوفيزياء)، وعمل للشركة النفطية الوطنية العراقية.
سافر للدراسة الى خارج الوطن، درس في الدراسات العليا وحصل على شهادة الماجستير في مجال (جيوفيزياء اكتشاف وتنقيب النفط) من جامعة (بوردو) الفرنسية عام 1987، ثم نال شهادة الدكتوراه من نفس الجامعة في مجال (جيوفيزياء النفط – اكتشاف وانتاج) عام 1991.
بعد الدكتوراه، باشر كمال الاتروشي باابحث العلمي في المعهد الفرنسي للنفط، يمتلك خبرة (35 سنة) في مجال جيوفيزياء النفط، كما عمل مع العديد من المؤسسات والشركات الكبرى، منها :
• شركات (Elf) الفرنسية.
• الوكالة الدولية الكندية.
• باحث ومحاضر في جامعتي (مكغيل) و(كارلتون) الكنديتين.
• شركة نفط الكويت (KOC) لتنقيب وانتاج النفط.
• شركة (بتروناس) الماليزية.
• شركة (توتال) الفرنسية.
ما الذي يغيره الاتروشي؟
مباشرة كمال الاتروشي في منصب وزير النفط، وإن لم يجرِ تغييراً كبيراً في البنية التحتية التي عمل عليها آشتي هورامي في الـ(14) عاماً السابقة ولا يفهمها الاّ هو، وهذا ما يجبر مسرور البارزاني على اجراء عدد من التغييرات في وزارة الموارد الطبيعية منذ البداية.
احد ابرز التغييرات الموجبة على مسرور البارزاني اجرائها مع مباشرة الاتروشي، هو إلغاء ثلاثة كتب الذي اصدره بنفسه بخصوص الملف النفطي بعد مباشرته رئيساً لمجلس وزراء الاقليم.
باشر مسرور البارزاني رسمياً في منصب رئاسة الوزراء بتأريخ 15 تموز 2019، وأول عمل قام به في ذلك اليوم كان اصدار امرٍ تحت رقم (4).
جعل مسرور البارزاني بهذا الامر (آشتي هورامي) معاوناً له لشؤون الطاقة، وبذلك استحدث هذا المنصب في سابقة من نوعها في مجلس الوزراء، لأنه لا يوجد في الاقليم اي قانون خاص بمعاون رئيس الوزراء، وكذلك لم يتم ذكر هكذا منصب لا في قانون مجلس الوزراء ولا في النظام الداخلي للحكومة ولا حتى في قانون النفط والغاز.
منح مسرور البارزاني عدداً من السلطات والصلاحيات في الامر رقم (4) لآشتي هورامي كمعاون له لشؤون الطاقة، منها :
• تنفيذ المهام الخاصة التي يكلف بها من قبل رئيس الوزراء في مجال الطاقة.
• الحضور في اجتماعات مجلس النفط والغاز وصياغة برامج الاجتماعات.
ادّى مسرور البارزاني اليمين القانوني كرئيس للوزراء امام برلمان كوردستان، وليس كوزير للموارد الطبيعية، يقول بعض القانونيين ان مسرور البارزاني ليس بمقدوره منح سلطة وزارة ليست بحوزته الى شخص آخر، بمعنى ان مسرور البارزاني قد منح بأمره المرقم (4) سلطةً ليست له.
ما يثير الانتباه، بعد اصداره للأمر رقم (4) في اول يوم من مباشرته، فبعد يومين وفي (17) من تموز، اصدر مسرور البارزاني امراً آخر تحت رقم (9) وبنفس مضمون الامر رقم (4)، مانحاً نفس السلطات والصلاحيات الى آشتي هورامي.
تم نشر المر رقم (4) والأمر رقم (9) في صحيفة وقائع كوردستان، ولا يعرف لماذا اصدر رئيس الوزراء امرين تحت رقمين مختلفين في غضون يومين لآشتي هورامي، ولكن بنفس المضمون.
اصدر مسرور البارزاني يوم 24 تموز 2019، اي بعد مضي تسعة ايام على مباشرته، الامر الثالث لآشتي هورامي تحت رقم (12)، يوجد هذا الامر باللغة الانكليزية فقط وهو موجه الى المحاكم والشركات النفطية، واللافت للنظر ان هذا الامر لم ينشر حتى الآن في صحيفة وقائع كوردستان.
يمكن النظر الى الامر رقم (12) لمسرور البارزاني كأمر سري خلف ظهر مؤسسة الحكم في اقليم كوردستان، الامر الخاص بملف النفط، وسرية هذا الامر يؤكد مرة اخرى تلك الحقيقة بأن ملف نفط الاقليم يدار بشكل غير شفاف.
حصل (الحصاد) على نص ذلك الكتاب السري من عدد من الشركات العاملة في المجال النفطي من اوروبا، و وفقاً للامر رقم (12)، فقد وضع مسرور البارزاني نفسه محل وزير الموارد الطبيعية ومنح كافة سلطات تلك الوزارة لنفسه ومن ثم نقل السلطات من نفسه الى آشتي هورامي.
في الامر رقم (12)، منح مسرور البارزاني هذه الصلاحيات والسلطات الى الهورامي :
• يعتبر آشتي هورامي كوزير للموارد الطبيعية.
• خُوِّلَ آشتي هورامي ومُنِحَ كافة صلاحيات وسلطات وزير الموارد الطبيعية.
• مُنِحَ آشتي هورامي حق المشاركة في اجتماعات مجلس نفط وغاز اقليم كوردستان وتقديم الاستشارات والتعليمات، كما خُوِّلَ استخدام صوت وموقع وزير الموارد الطبيعية.
• خُوِّلَ آشتي هورامي ان يصدر التعليمات والاوامر في مجال النفط والغاز، التصفية، نقل الوقود، العقود، وتحليل العقود، وسياسة الغاز.
• جمع وقبض الاموال من الشركات النفطية العاملة في مجال نفط وغاز اقليم كوردستان.
•إعطاء المستحقات المالية لشركات النفط مثل اموال عقود نقل وبيع النفط.
• اجراء المفاوضات وتوقيع العقود مع الشركات الناقلة للوقود، المنتجات النفطية، التصفية، بيع المنتجات النفطية والعقود المماثلة.
• اتخاذ القرارات بخصوص المشاكل مع الشركات النفطية، اجراء المفاوضات وعقد الاتفاقات وحسم مشاكل العقود.
• تقديم التعليمات، التوجيهات، القرار على توحيد الحقول النفطية، التنمية المشتركة.
• صلاحيات ايقاف وصرف اموال المستشارين والخبراء والمستشارين القانونيين والمدققين والمحاسبين والمستشارين الآخرين بالشكل الذي يراه مساعد رئيس الوزراء (آشتي هورامي) مناسباً.
• آشتي هورامي له جميع السلطات والصلاحيات لصرف الاموال للحاكمين ومصاريف المحاكم واية مبالغ يطلبه لجنة التحكيم والمحاكم.
قبل منح الثقة بـ(كمال الاتروشي) في البرلمان، ينبغي على مسرور البارزاني الغاء كتبه الثلاثة تلك التي اصدره بعد مباشرته لآشتي هورامي، فبدون ذلك تكون سلطات وصلاحيات كمال الاتروشي ناقصة وغير كاملة.
نفط داخل حقيبة!
في هذه الأيام التي يمر بها اقليم كوردستان بأزمة مالية خانقة بسبب انخفاض اسعار النفط وعدم الاتفاق مع بغداد، تملأ كابينة مسرور البارزاني منصب وزير الموارد الطبيعية.
إسْتُحْدِثَ منصب وزير الموارد المالية في اقليم كوردستان منذ عام ٢٠٠٥، منذ ذلك الحين الى الآن كانت هذه الوزارة في عهدة البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، وبقت هذه الوزارة في الكابينة التاسعة التي يرأسها مسرور البارزاني حالياً في عهدة البارتي ايضا.
منذ ان تم استحداث وزارة الموارد الطبيعية في السنوات (١٥) الماضية، شغل رجل واحد هذا المنصب ألا وهو آشتي هورامي، في البداية اسْتُرْجِعَ الهورامي من لندن من قبل برهم صالح الى اقليم كوردستان واُخْتِيرَ لتسلم منصب وزارة الموارد الطبيعية، لكنه فيما بعد اصبح احد المقربين من نيجيرفان البارزاني(رئيس الوزراء للكابينات الحكومية المتوالية لمدة ١٧ عاماً).
بقاء الهورامي لمدة (١٤) سنة في منصب الموارد الطبيعية جعله يسيطر تماماً على القطاع النفطي في اقليم كوردستان واصبحت ادراة هذه الوزارة بدونه شبه مستحيلة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل مسرور البارزاني مضطراً لإسناد منصب جديد خارج القوانين النافذة الى الهورامي الذي تم استبعاده من وزارة الموارد الطبيعية في الكابينة التاسعة، وفضلاً عن هذا كله اضطر البارزاني مسرور ان يصدر في حقه في مدة اقل من اسبوعين ثلاثة اوامر منحه فيها السلطات والصلاحيات.
لكن السؤال هو هل ان مباشرة كمال الاتروشي في منصب وزير الموارد الطبيعية ستنهي عهد آشتي هورامي نهائياً؟
هناك اكثر من سبب ليكون لـ(آشتي هورامي) كلمة في قطاع نفط الاقليم لعدة سنوات اخرى وبقائه في الساحة، خصوصاً لأنه معاون مسرور البارزاني لشؤون الطاقة في هذه الكابينة الحالية.
فضلاً عن هذا، هنالك عدد من القضايا القانونية على حكومة الاقليم في المحاكم وقد وجهت هذه القضايا الى آشتي هورامي، وهذا ما يجعل من هورامي ان يكون له كلمته لسنوات اخرى في مجال النفط، من هذه القضايا :
• وزارة الموارد الطبيعية عليها شكوى قضائية في محكمة عراقية بسبب بيعها للنفط دون موافقة الحكومة العراقية، وفي هذا ايضاً فإن الهدف هو آشتي هورامي.
• شكوى قانونية لشركة (دايناستي بترليوم) على آشتي هورامي في المحكمة الملكية في لندن، هذه الشكوى تخص وزارة الموارد الطبيعية ويتم اصدار القرار النهائي بخصوصها في شهر شباط من العام الحالي، في حالة خسارة آشتي هورامي، فستضاف مبلغ (مليار و٦٨٠ مليون) دولار الى قائمة ديون حكومة الاقليم البالغة (28 مليار) دولار.
• كان آشتي هورامي طيلة بقائه في وزارة الموارد الطبيعية لمدة ١٤ عاماً يحمل وزارته داخل حقيبته، لم تكن وزارته تملك اية بناية او مقر معين في كوردستان، حتى يتسنى لنواب البرلمان والمؤسسات الرقابية الاخرى زيارته والتدقيق في كيفية ادارة ملف النفط، مسرور البارزاني وكابينته يحتاجون دائماً لحقيبة آشتي وهذا ما يجعل فرصة بقاء هورامي في الساحة متوفراً.
• الاتفاق النصف قرني (50 سنة) في مجال الطاقة بين حكومة اقليم كوردستان وتركيا ابرم بعِلْم آشتي هورامي وهذا ما ادخل الهورامي الى الملفات السرية للحكومة ويمنحه فرصة البقاء.
النفط .. من لندن الى اربيل
آشتي هورامي موجود في لندن، ويزاول اعماله في بناية بجوار سفارة اسرائيل في منطقة خلف قصر (بكينكهام)، وهو حتى الآن يتعامل مع ملف النفط، كما يتواجد في البناية التي يداوم فيها الهورامي عدد من منتسبي وزارة الموارد الطبيعية بالاضافة الى مستشار اسمه (مايكل هاورد) الذي يقبض شهرياً راتباً قدره (٤٠ الف) دولار.
يتحدث آشتي هورامي هاتفياً مع المسؤولين الحكوميين، وكان قد شارك مرة في اجتماع حكومي عن طريق الانترنيت"اونلاين".
في الآونة الاخيرة وفي نهاية عهد رئاسة نيجيرفان البارزاني للحكومة والتي استمرت لمدة ١٧ عاماً، امتلكت وزارة الموارد الطبيعية اول بناية خاصة بها، تقع البناية بالقرب من مصرف كوردستان في اربيل، لكن حينما ترك نيجيرفان البارزاني منصب رئيس الوزراء، جعل من تلك بناية مقرا لرئاسة الاقليم وجعل وزارة الموارد الطبيعية من دون مأوى من جديد.
تملك وزارة الموارد الطبيعية الآن بناية مقابل مجلس الوزراء ويعمل فيها عدد من المسؤولين والمنتسبين، وبمباشرة كمال الاتروشي، يرجع ملف النفط من لندن الى اربيل وتنقل السيطرة على زمام ملف النفط من يد نيجيرفان البارزاني الى يد مسرور البارزاني.