تخفيض قيمة الدينار .. تحذيرات و"أرقام مخيفة" بعد القرار العراقي
2020-12-20 07:44:05
الحصاد draw:
الحرة
طمأنت الحكومة العراقية مواطنيها بشأن قرار خفض قيمة العملة الرسمية، مؤكدة أنه لن يؤثر على الطبقات التي تعتمد على السلع المحلية، لكن خبراء ومراقبين انتقدوا الخطوة ورأوا أنها ستزيد من نسب الفقر المرتفعة أصلا في بلد يشهد أسوء أزمة اقتصادية منذ عقود.
وبعد يومين من التذبذب الكبير الذي شهدته أسواق العملة المحلية العراقية، قطع البنك المركزي الشك باليقين عندما أعلن، السبت، أن سعر الصرف الجديد للعملة سيرتفع من 1190 إلى 1450 دينارا مقابل الدولار الأميركي.
وعزت وزارة المالية العراقية القرار إلى محاولات الحكومة معالجة الأزمة الخانقة التي يشهدها العراق من جراء انخفاض أسعار النفط، وضمان حماية الاقتصاد وتحقيق الإصلاحات التي وعدت بها قبل عدة أشهر.
وأدى خفض قيمة العملة إلى زيادة احتمالات ضعف الدينار في الشارع. وارتفع السعر بالفعل إلى 1400 دينار عراقي للدولار يوم السبت من 1300 دينار عراقي الأسبوع الماضي لدى وكلاء صرف العملات.
ومنذ انهيار أسعار النفط في وقت سابق من هذا العام، يواجه العراق أزمة سيولة غير مسبوقة. واضطرت الدولة المصدرة للنفط إلى الاقتراض من احتياطيات البنك بالدولار لسداد ما يقرب من 5 مليارات دولار شهريا تمثل رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد.
أثار القرار موجة غضب في الشارع العراقي، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دافع عن خطوة حكومته وقال إنه كان أمام خيارين "أما انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، أو ندخل في عملية قيصرية للإصلاح".
واستشهد الكاظمي، خلال كلمة له في جلسة مجلس الوزراء العراقي عقدت السبت، بعدة دول منها الإمارات وكوريا الجنوبية وسنغافورة عندما اتخذت في السابق "قرارات صعبة" من أجل إصلاح الاقتصاد.
وتسببت مسودة مسربة لقانون موازنة الدولة لعام 2021 في إثارة ضجة في الشارع العراقي الأسبوع الماضي حين تأكدت خطط خفض قيمة الدينار.
وتضمنت المسودة الجديدة أيضا مقترحا بتقليص رواتب موظفي القطاع العام بفرض ضريبة دخل جديدة بنسبة 15 في المئة للموظفين من الدرجتي المتوسطة والعليا.
كذلك تخطط الحكومة لزيادة تعرفة الكهرباء لإجبار المواطنين على دفع المزيد في مقابل الكهرباء التي توفرها الدولة، ورفع أسعار البنزين، وفرض ضرائب على بعض السلع غير الأساسية.
وفي هذا الإطار يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن هذه القرارات ويضاف إليها قرار خفض قيمة العملة ستكون لها انعكاسات سلبية على المواطن والاقتصاد على حد سواء.
ويقول المشهداني في حديث لموقع "الحرة" إن "خفض قيمة العملة بنسبة 20%، فيما السوق المحلية تعتمد بنسبة 85% من احتياجاتها على السلع المستوردة، فهذا يعني أن الأسعار سترتفع بأكثر من 20%وربما إلى نحو 30%".
ويتابع المشهداني "يضاف لهذا كله زيادة الاستقطاعات في رواتب الموظفين، الذين يعتبرون المحرك الرئيسي للاقتصاد، سيعني بما لايقبل الشك أن رواتبهم ربما تنخفض بمقدار النصف".
ويتحدث المشهداني عن "أرقام مخيفة" تواجه الطبقة الوسطى في العراق، حيث يمكن أن يؤدي قرار خفض العملة إلى تحول الكثيرين منهم إلى فقراء خلال أشهر فقط.
يقول المشهداني إنه "وبحسب إحصاءات وزارة التخطيط فإن نحو 40% من سكان العراق بمستوى أو تحت خط الفقر، وفي حال تطبيق الإجراءات الجديدة فهذا يعني أن الموظف الذي راتبه 500 ألف دينار فما دون سيدخل ضمن هذا الخط، وهذا يعني أن نحو 60% من سكان العراق سيكونون فقراء".
ليس هذا وحسب فيمكن للخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية أن تؤدي إلى انكماش الاقتصاد بدلا من انعاشه.
ويقول الخبير المالي صفوان قصي إن قرار خفض قيمة العملة سيؤثر على المصارف العامة والخاصة، وقد نشهد إفلاس بعضا من هذه المصارف".
ويضيف قصي في حديث "للحرة" "كذلك سيؤثر الخفض على المستوردين وحركة الاستقرار الاقتصادية، وقد نشهد عملية عزوف للمستثمرين عن القدوم للبيئة المحلية بسبب انخفاض قيمة ومستوى العملة".
وكانت الحكومة العراقية أقرت في أكتوبر الماضي "ورقة بيضاء" تضمنت آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي وتضمنت "مئات الإجراءات الكفيلة بإحياء الاقتصاد العراقي، وفقا لما اكده مجلس الوزراء العراقي.
وتمتد "الورقة البيضاء" على 100 صفحة، ويفترض أن تكون مدة تنفيذها (3-5) سنوات.
ويحتوي المحور الأول لورقة الإصلاح، على مقترحات لتخفيض الرواتب الحكومية بنسب تتراوح من 12-25 بالمئة، ورفع الدعم الحكومي عن بعض القطاعات، وإيقاف تمويل صندوق التقاعد من الموازنة، وتخفيض الدعم الحكومي للشركات العامة، واستيفاء أجور الكهرباء "وفق التسعيرة العالمية" وزيادة أجور الكمارك والضرائب".