ثلاثة أسباب أدت لتفاقم الأمور في كردستان العراق
2020-12-09 08:07:26
الحصاد draw:
iraqhouseinstitute
في تظاهرات حاشدة، خرج عشرات الآلاف من سكان محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق للاحتجاج على تدهور الأوضاع الاقتصادية، لكن الأمور تطورت إلى حدوث صدام مع قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل أربعة متظاهرين.
وتعود أسباب الاحتجاج إلى عدم تقاضي الموظفين المدنيين في إقليم كردستان رواتبهم لمعظم أشهر هذا العام، وسط خلافات حادة بشأن الميزانية بين حكومة الإقليم في أربيل والحكومة الفدرالية في بغداد.
وفي إشارة الى حجم الغضب، أحرق المتظاهرون مقرات الأحزاب السياسية، في السابع من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، ما جعل عدداً من أعضاء الأحزاب يتحدثون عن “أيادٍ خفية” مهتمة بإثارة العنف في الإقليم.
أسباب التظاهرات
اندلعت احتجاجات حاشدة في مدينة السليمانية احتجاجاً على تأخر صرف رواتب الموظفين وسوء الأحوال المعيشية، وتدخلت شرطة الإقليم مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، لكن الاحتجاجات تصاعدت وامتدت إلى أجزاء أخرى من المحافظة.
وهاجم المحتجون مقرات حزبية وحكومية في السليمانية، وأضرموا النيران فيها، وهو ما أدى إلى مواجهات عنيفة مع الشرطة، ما أسفر عن مقتل متظاهر وسقوط عدد من الجرحى، فيما أكدت عدة تقارير وقوع صدامات بين المحتجين وقوات الأمن في بلدة كفري ما تسبب في مقتل ثلاثة متظاهرين.
وأضرم المتظاهرون النار في مكاتب الأحزاب السياسية الكردية الخمسة الكبرى، إذ أظهرت مقاطع فيديو اشتعال النيران في مكاتب “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، و”الاتحاد الإسلامي الكردستاني”، و”الجماعة الإسلامية الكردستانية”، و”حركة التغيير” ومكتب رئيس البلدية.
ووفقاً لـ”NetBlocks”، وهي مجموعة دولية غير حزبية تراقب الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم، فإن سرعة الإنترنت انخفضت إلى 48 في المئة عن مستوياتها المعتادة في السليمانية، ما يشير إلى حدوث تقييد أو تعطيل أو حجب جزئي للشبكة العنكبوتية.
نقاط خلافية
أخفقت حكومة إقليم كردستان في دفع رواتب موظفيها المدنيين لعدة أشهر. وقال المسؤولون الأكراد صراحة إنهم لا يستطيعون دفع الرواتب دون دعم الحكومة الفدرالية في بغداد.
ورفضت بغداد إرسال نصيب إقليم كوردستان من ميزانيتها بعد إقرار قانون العجز المالي المعروف باسم “الاقتراض”، بعد نزاع مطول بين الطرفين حول عائدات النفط التي تصدرها عبر تركيا
وينص القانون على أن تدفع حكومة بغداد 320 مليار دينار شهرياً للإقليم لدفع رواتب الموظفين حتى نهاية هذا العام، شريطة أن تحصل الحكومة على عائدات النفط.
وتشير وسائل الإعلام الكردية عن وجود توافق في الآراء بين بغداد وأربيل بشأن ميزانية عام 2021، لكن لم يتم نشر أية معلومات بشأن الأموال المحجوبة من ميزانية 2020، وهو ما زاد الاحتقان بين المتظاهرين الذين اعتقدوا أن هناك رغبة في تجاهل دفع الرواتب المتأخرة.
خرج عشرات الآلاف من سكان إقليم كردستان العراق للاحتجاج على تدهور الوضع الاقتصادي، ما أدى إلى صدام مع الأمن ومقتل متظاهرين… من أسباب الاحتجاج عدم تقاضي الموظفين في الإقليم رواتبهم، وسط خلافات حادة بشأن الميزانية بين حكومتي أربيل وبغداد
وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل خلافات حول ثلاث نقاط رئيسية هي مرتبات موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم.
وكان الخلاف قد وصل إلى ذروته عام 2005 خلال كتابة الدستور وإقراره ثم التصويت عليه، إذ احتدم الصراع حول المادة 140 الخاصة بكركوك وباقي المناطق المناطق المتنازع عليها.
واندلع صدام قوي عام 2017 حين قرر مسؤولو الإقليم تنظيم استفتاء للانفصال عن العراق، وهو ما أدى إلى إرسال قوات الجيش العراقي للسيطرة على كركوك.
ردود الأفعال
في أول رد فعل رسمي على أحداث العنف، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن التظاهر السلمي حق مكفول ويجب تلبية مطالب المتظاهرين، معلقاً بأن العنف ليس حلاً.
وأضاف صالح في بيان صادر عن رئاسة الجمهوري: “على السلطات ذات العلاقة تلبية هذه المطالب، والعمل على حلول جذرية لمشكلة الرواتب وتحسين الأحوال المعيشية، وذلك عبر خطوات سريعة وجدية ترتكز على المصارحة وتوجيه موارد الشعب لخدمة المواطنين، وانتهاج الطرق الحقيقية في الإصلاح، إذ أن التجاوز على المال العام والفساد الإداري والمالي والسلب والنهب والتهريب يجب أن يتوقف”.
من جانبها، قالت ميادة النجار، وهي نائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، إن التظاهرات التي تشهدها محافظة السليمانية تقف وراءها “أيادٍ خفية”، داعيةً أهالي المحافظة إلى الخروج بتظاهرات ضد الحكومة الاتحادية وليس ضد حكومة الإقليم.
وغرّد رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان الكردي أوميد خوشناو، واصافاً المتظاهرين بـ”العبيد الذين لم يربوا جيداً”.
واجتمعت الأحزاب الحاكمة في إقليم كوردستان لبحث سبل تأمين رواتب موظفي الدولة، وناقشت مسألة الحصول على قروض لتسوية الرواتب المتأخرة.
صراع كردي كردي
في الوقت ذاته، تتزايد المناوشات بين حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وقوات حكومة إقليم كردستان في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق، وسط مخاوف من تزايد الخلاف بين الأكراد.
تشهد العلاقات بين بغداد وأربيل خلافات حول ثلاث نقاط رئيسية هي رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم… كان الخلاف بين الطرفين قد وصل إلى ذروته عام 2005 خلال كتابة الدستور
بدأت التوترات عندما اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة حكومة إقليم كردستان حزب العمال الكردستاني باغتيال غازي صالح، وهو مسؤول أمني يعمل عند معبر سارزر الحدودي في محافظة دهوك، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
واشتد الوضع عندما أعلن حزب العمال الكردستاني، في 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مسؤوليته عن “عمل تخريبي ناجح” على خط أنابيب تابع لحكومة إقليم كردستان إلى تركيا، ما أوقف صادرات النفط.
وقالت حكومة إقليم كوردستان وقتها إنها “تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف خط الأنابيب”، محذرة من أنها “لن تسمح أبداً بتهديد مصالحها ومعيشة شعوب إقليم كردستان”.
واتهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني عناصر من حزب العمال بالتسلل إلى القرى الكردية، حيث زرعوا قنبلة في دهوك قتلت مقاتلاً من البشمركة وجرحت اثنين آخرين. ودانت الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة العراقية الاتحادية حينها الهجوم.
وزعم برزاني، خلال تصريحات في الشهر الماضي، أنه خلال ذروة القتال ضد تنظيم داعش، قام مقاتلو حزب العمال الكردستاني بـ”غزو المناطق الحدودية وبعض الأماكن الأخرى وفرضوا ضرائب على السكان”، بينما كانت قوات البشمركة التابعة لحكومة الإقليم تقاتل على الخطوط الأمامية ضد مسلحي داعش.