خطوط حمراء علي ورقة الكاظمي البيضاء
2020-10-20 21:26:11
الحصاد DRAW: وكالة يقين للانباء
تُعرّف المواقع المتخصصة الورقة البيضاء بأنها “وسيلة لعرض السياسات الحكومية قبل سنها كتشريعات” وبذلك تتمكن الحكومات من اختبار تقبل الرأي العام لقضية معينة وقياس ردود الأفعال تجاهها. ومن أشهرها الورقة التي كتبها ونستون تشرشل حين كان وزيرا للمستعمرات البريطانية، وهي وثيقة يؤكد فيها علي التزام بلاده بوعد بلفور الذي قطعته بلاده لليهود بإنشاء وطن لهم في فلسطين، وعرَضها في حزيران 1922..
في حزيران من هذا العام عرض مصطفي الكاظمي مشروعاً تحت مسمي “الورقة البيضاء” اقترحته حكومته علي البرلمان لمناقشته وإقراره فما هي ورقة الكاظمي وبماذا يعد شعبه؟
دفاع حكومي
تقول مصادر حكومية إن الورقة عبارة عن خطة “إصلاحية” من خمسة محاور، كان الكاظمي قد عرضها في وقت سابق علي رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلي فائق زيدان وأطراف سياسية أخري، قبل أن تتسلمها اللجنة المالية النيابية من وزير ماليته علي عبد الأمير علاوي.
والمحاور الخمسة للورقة تشمل “الاستقرار المالي المستدام وتحقيق إصلاحات اقتصادية كلية، توفير الخدمات الأساسية، تطوير الحوكمة والبيئة القانونية، تحسين البني التحتية الأساسية، وتوفير الخدمات الأساسية.” وتقترح الحكومة مدة ثلاث إلي خمس سنوات لتحقيقها
ويصف الكاظمي ورقته بأنها “مشروع حل لأزمة إدارة الاقتصاد المزمنة والاعتماد الكامل علي النفط وعدم تنويع مصادر الدخل“. وزير المالية قال في مؤتمر صحافي إن “الورقة البيضاء تمثل برنامجاً إصلاحياً للشؤون الاقتصادية والمالية، وستكون خريطة طريق للموازنات اللاحقة“. وذهب المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء أحمد ملا طلال لأبعد من ذلك عندما قال إن “الورقة تتضمن مئات الإجراءات الكفيلة بإحياء الاقتصاد العراقي ودفعه نحو استثمار موارد البلد الهائلة، وإدارتها وتوظيفها بالطريقة العلمية“.
لكن هناك من لا يري ما تراه الحكومة بهذه الورقة من مسوغات لتمريرها
رأي خبراء الاقتصاد بالورقة
يري خبراء اقتصاديون أن الورقة “لم تحدد كيفية التصدي لحال التردي السريع في الاقتصاد العراقي القائمة الآن“، و إن “الورقة تركز بشكل كبير علي خفض قيمة الدينار، وكأنه حل سحري سيخفف الأزمة الاقتصادية“، مبدياً اعتقاده بأن هذا الحل “خاطئ ويعد ترحيلاً لمشكلات الاقتصاد علي حساب العملة، مما قد يسبب إشكالات اجتماعية واقتصادية علي الأفراد“.
وانتقد أكاديميون عراقيون، المقترحات التي تضمنتها الورقة معتبراً أنها تفاقم الوضع الإقتصادي إجمالاً وتتسبب بأضرار فادحة يدفع ثمنها المواطن، ومن هذه المقترحات “خفض الإجور والرواتب من 25% من الناتج المحلي الإجمالي يتناقص الي 12.5% خلال ثلاث سنوات، وفك ارتباط صندوق التقاعد بالموازنة العامة للبلاد، وصرف رواتبه من الصندوق وخفض الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة والدعم الحكومي للناتج المحلي الإجمالي، واستيفاء أجور الطاقة الكهربائية “وفق التسعيرة العالمية“، ورفع أجور الجمارك والضرائب، وإعادة هيكلة سلم الرواتب العامة من خلال إيقاف عمليات التوظيف والاستبدال الجديدة في القطاع العام، ووضع حد أعلي لرواتب الموظفين، وتطبيق ضريبة الدخل علي مخصصات الموظفين والحوافز والعلاوات.”
هذه الورقة لا تقدم شيئا، يجب علي الحكومة أن تتجه نحو خطوات جادة بجرأة وشجاعة
انتقادات برلمانية
الكتل السياسية وممثلوها في البرلمان علي عادتهم وجدوها فرصة لتبادل الاتهامات بين برلمانهم وبين الحكومة. فما أن أعلن عن الورقة حتي انهالت الانتقادات من كل ركن من أركان البرلمان وأعضائه الذين قالوا إن الورقة لم تأت بجديد. النائب عن “تحالف الفتح” وليد السهلاني قال إنها “مجرد وعود” وإن “الإصلاح ليس بالكلام“، عبد الكريم عبطان المتحدث باسم “جبهة الإنقاذ والتنمية“، قال“لا أعتقد أن هذه الورقة ستقدم شيئا، يجب علي الحكومة أن تتجه نحو خطوات جادة بجرأة وشجاعة“، ولخصت آيات مظفر المتحدثة باسم تحالف “النصر” موقف تحالفها بأن “الورقة جاءت بيضاء من حيث المقصد والنوايا” مضيفة إن “البلاد لم تعد بحاجة إلي الدواء بقدر حاجتها إلي استئصال أعضاء فسدت” أما عضو مجلس النواب محمد الكربولي فقد وصف الورقة في تغريدة له بـ“المسكنات المؤقتة“
المواطن بين شد الحكومة وجذب البرلمان
من المفترض أن تمثل السلطتان التشريعية والتنفيذية معني التسمية التي تحملانها ، فالسلطة التشريعية تشرع القوانين والسلطة التنفيذية تنفذها ويحدث أن تقترح الحكومة قانوناً أو مشروعاً علي مجلس النواب فيناقشه ويقره أو يقترح تعديله وهكذا حتي الوصول في نهاية الأمر إلي صيغة تخدم المواطن وتطلعاته
ما يحدث أن كلا الطرفين متحفز لا لمناقشة الأفكار المطروحة بل لاستخراج أسوأ ما فيها وتناوله بالنقد والتسفيه، والمشكلة الكبري عندما يكون المطروح سيئاً بالفعل ولا يمكن تعديله ولا بديل له كما حدث في مقترح الإقتراض الداخلي الذي تقدمت به وزارة المالية والذي كان البديل الوحيد له هو توقف صرف الرواتب، والآن وجد البرلمانيون في الورقة البيضاء التي اقترحها الكاظمي مادة جديدة للنقد و تبادل الإتهامات.
ومن جلسة مجلس الوزراء لجلسة البرلمان يبقي المواطن بانتظار ثمار يحس مرارتها حتي قبل قطافها.