حقول كردستان تحت النار.. مسيّرات «بلا توقيع» تهدد الاستقرار وتُعقد المفاوضات

2025-07-18 14:27:10

عربية:Draw

منذ أيام والحقول والمنشآت النفطية والغازية في إقليم كردستان ومحافظة كركوك، تتناول وجبة يومية دسمة من الطائرات المسيرة مجهولة المصدر، وفيما حذر سياسيون كرد، من استمرار تلك العمليات، كون ذلك سيثير عاصفة أمنية تشمل عموم العراق، طالبوا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، بالتعامل بجدية مع الملف، والكشف عن الجهات التي تقف وراء تلك الهجمات، متهمين أطرافا لم تسمها بمحاولة عرقلة مفاوضات بغداد وأربيل، في وقت لم يحسم فيه خبراء أمنيون، مصادر إطلاق تلك الطائرات، مؤكدين صعوبة تحديد مواقع انطلاقها من داخل البلاد أم خارجها.

ويقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، إن “هذه الاستهدافات ليست الأولى، فقبل سنوات ولمرات متعددة كان هناك استهداف للبنى التحتية للطاقة في إقليم كردستان بدءا من كورمور الغازي، مرورا بالحقول النفطية الأخرى، لكن هذه الحالة أصبحت الآن ظاهرة، وعندما تكون بهذا الشكل، فإنها ترتقي إلى مستوى العدوان على العصب الاقتصادي للإقليم وعموم الدولة العراقية”.

ويرى خوشناو، أن “هناك أبعادا لهذه الاستهدافات، فإضافة للأبعاد الاقتصادية والأمنية، هناك بعد سياسي ينطلق من أن هناك جهة تحاول تعكير صفو المباحثات بين أربيل وبغداد التي تشهد تقدما ملحوظا في هذا التوقيت، وكلما تقدمت المحادثات باتجاه إعادة استئناف تصدير النفط من كردستان تزداد هذه الاستهدافات وشدتها”.

ويشير إلى أن “هذه الاستهدافات هي رسائل من الطرف الآخر لتعكير المفاوضات، والمتضرر هو إقليم كردستان والحكومة الاتحادية بصورة عامة، لذا على القائد العام للقوات المسلحة أن يتخذ خطوات إيجابية أكثر ويحاول أن يخرج عن الاكتفاء بالتنديد إلى رصد هذه الجهات وردعها".

وعن مصدر هذه الاستهدافات، يواصل القيادي الكردي، بالقول إن “هذه المسيرات لا تأتي من الفضاء، فوفق المؤشرات الحالية، ورواية وزارة الداخلية في إقليم كردستان، فإنها تنطلق من أراض عراقية خارج الإقليم، وهذا ليس بغريب، فقد شاهدنا في إيران، انطلاق طائرات معادية من أراضيها".

ويؤكد أن “على الحكومة الاتحادية إذا عجزت عن رصدها أن تطلب من التحالف الدولي ذلك”، لافتا إلى أن “الإقليم سيفعل هذا ويستعين بإمكانات التحالف الدولي، لأن هذه الشركات المنتجة للنفط هي شركات أجنبية، وبعضها تابعة لبلدان في التحالف، حيث رأينا التنديد من السفارة الأمريكية بهذه الاستهدافات، وفي المقابل فإن الحقول عراقية، لذا على الحكومة الاتحادية التعاون مع حكومة الإقليم للكشف عن هذه الجهات".

وعما اذا كان يوجه أصابع الاتهام إلى جهة ما، يتابع قائلا: “لا اتهم الأطراف الرسمية في الدولة العراقية أو الإقليم خاصة أن الأخير هو المتضرر الأكبر”، معتقدا أن “هناك طرفا محليا ثالثا قد يتعاون مع أجندة خارجية أو لديه رؤية خاصة به".

ويحذر خوشناو، من أن “بغداد إن لم تتخذ خطوات حاسمة في هذا الملف، سيكون بداية لعاصفة أمنية تضرب العراق، فاحتلال داعش لمحافظات في 2014 كانت بدايته ثغرات أمنية بسيطة، لكنها لم تعالج، لذا على العراق أن يحذر لأنه لا يحتمل عاصفة أخرى في ظل أحداث المنطقة الملتهبة".

وكان جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، قد أكد اليوم الخميس، أن هجوما بطائرة مسيرة استهدف حقل طاوكي النفطي الذي تديره شركة النفط والغاز النرويجية (دي إن أو) في زاخو. وهذا هو الهجوم الثاني على الحقل منذ بداية موجة هجمات بطائرات مسيرة مطلع هذا الأسبوع.

وتعرضت خمسة حقول نفطية في إقليم كردستان لهجمات بمسيّرات خلال هذا الأسبوع، ولم تتسبب أي من الهجمات بخسائر بشرية، ولكنها أدت إلى خفض إنتاج الخام بما يتراوح بين 140 و150 ألف برميل يوميا وإغلاق حقول عدة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.

إلى ذلك، يشير الخبير الأمني والعسكري عماد علو، هذه الاستهدافات بدأت بشكل متصاعد بعد المواجهة العسكرية الكبرى بين إيران وإسرائيل لمدة 12 يوما وأخذت أنماطا مختلفة، نمط استهدف المعسكرات التي تستضيف قوات من التحالف الدولي كمعسكر التاجي، ونمط استهدف الحقول النفطية والمنشآت الاقتصادية، والنمط الثالث بدأ مؤخرا بشكل واضح في استهداف شركات نفطية أمريكية".

ويضيف أن “نوعية السلاح طائرات ذات مديات قريبة قادرة أن تطير ساعة ونصف وتحمل متفجرات لا تزيد مدياتها على كيلومترين، وهذا دليل على أنها تنطلق من الداخل وليس من خارج العراق".

وطيلة عمليات الاستهداف جرى تشكيل لجان تحقيقية من قيادة العمليات المشتركة والإقليم لكن لم يتم الكشف عن الجهة التي تقف خلف هذه الطائرات، ويشير علو إلى أن “هذا يتعلق بالتقاطعات داخل البيئة السياسية العراقية، وهو ما يدفع المواطن للشعور بالقلق والخوف لأنه لا يعلم من يقوم بهذه العمليات التي تستهدف أمنه واقتصاده".

ويرجح علو، أن “العمليات الأخيرة كانت تستهدف الشركات العاملة في الحقول الشمالية، لأنها مرتبطة بأطراف سياسية سواء بالجزء الاتحادي من العراق أو كردستان، فالشركات المستهدفة لها أغطية سياسية تمارس نشاطها الاقتصادي وهناك قوى سياسية تؤمن الغطاء لهذه الشركات".

وعن إمكانية كشف مصادرها، يجد أن “الأجهزة الأمنية تستطيع الكشف عن مكانها لأن الأجواء العراقية مراقبة من قبل رادارات وطائرات التحالف وهناك جهد استخباري للتحالف الدولي والولايات المتحدة، لذا تستطيع هذه الجهات استخدام إمكانياتها للعودة إلى تاريخ ما قبل الضربة عبر التقنيات ومتابعة مكان خروج المسيرات".

وفي الأسابيع الأخيرة، شهد العراق -ولا سيما إقليم كردستان- هجمات عدة بمسيّرات وصواريخ لم تحدد السلطات الجهات التي تقف وراءها. وأعلنت سلطات إقليم كردستان إسقاط طائرة مسيّرة مفخخة الاثنين الماضي قرب مطار أربيل الدولي. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من الهجمات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، في حين تعهدت بغداد بالتحقيق لتوضيح الملابسات.

وأدانت وزارة الموارد الطبيعية بشدة “هذه الهجمات الإرهابية التي تهدف إلى ضرب البنية التحتية الاقتصادية لإقليم كردستان وخلق مخاطر على سلامة الموظفين المدنيين في القطاع النفطي”، موضحة أنها “ألحقت أضرارا كبيرة بالبنية التحتية للحقول".

من جهته، يعتقد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، أن “هناك يدا خارجية تتلاعب بالأمن وترسل هذه المسيرات، بالإضافة إلى أن هناك جهات داخلية مناوئة للأولى، لذا فالضربات تتفاوت، والفاعل ليس جهة واحدة، فالمنفذ ضد الحقول النفطية يختلف عمن استهدف مطار كركوك، وكذلك من نفذ ضربات على قاعدتي التاجي والناصرية، أي أن هناك مساجلة وتخاطرا بين أكثر من جهة".

ويضيف أبو رغيف، أن “هذه الحوادث تقف خلفها ثلاث جهات متناوئة ومتحاربة في ما بينها، وقد يكون بعض الفواعل من الداخل، لكنها لا تخلو من يد خارجية، وربما هناك جهة مناوئة لإيران بدأت هذه اللعبة ورسمت لنفسها دورا، لكن هذا الدور كان محددا لضربة واحدة وجاءت كل الضربات ردود أفعال".

وعن إمكانية كشف مكان انطلاق المسيرات، يرى أن “من المستحيل بمكان أن يتم تحديد نقطة انطلاق هذه المسيرات، نعم بالإمكان إسقاطها، ولكن تحديدها ليس بالمتناول، وهذا الشيء يصعب حتى على الولايات المتحدة وروسيا".

وكانت حقول “باي حسن” و”خورمالة” و”سرسنك” النفطيان في محافظات كركوك وأربيل ودهوك قد تعرضت، لهجمات بثلاث طائرات مسيّرة مفخخة، دون تسجيل خسائر بشرية، بحسب ما أعلنته وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم.

المصدر: العالم الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand