العراق: تصاعد الخلافات بين السوداني والتحالف الحاكم مع قرب انتخابات البرلمان

2025-04-28 21:15:07

عربية:Draw

تكشف حدة الانتقادات المتصاعدة في وسائل إعلام مملوكة لقوى وكتل سياسية ضمن التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي)، تجاه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عمق الخلافات بين الأخير وقيادات وازنة في التحالف، أبرزها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وزعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي.

الخلافات عنوانها الرئيس قرارات سياسية وأخرى أمنية للحكومة، لكن سياسيين ومراقبين يؤكدون أن مردها الأول حراك رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الانتخابي، وتصاعد شعبيته بمدن جنوب ووسط العراق إثر حزمة من الخدمات المباشرة التي قدمتها حكومته في العامين الأخيرين، وبروزه منافساً سياسياً لا رئيس حكومة.

وتشكلت حكومة السوداني عبر تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم جميع القوى السياسية العربية الشيعية باستثناء التيار الصدري، الذي رفض منذ البداية الانخراط معها وآثر الانسحاب نهائيا من العملية السياسية. وقد مرر البرلمان هذه الحكومة ومنحها الثقة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022 دون خلافات بين الأحزاب الشيعية التي صوتت على اختياره.

وأفاد عضو في البرلمان العراقي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، بأنه تم رصد أكثر من 20 هجوما وحملة إعلامية خلال الشهر الحالي استهدفت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عبر وسائل الإعلام والمنصات المملوكة لفصائل مسلحة وقوى حليفة لإيران، مشيراً إلى أنها كانت تتركز على قرار الحكومة الانفتاح على الدولة السورية الجديدة ولقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، وأخرى تتعلق بقرارات للحكومة ذات طبيعة أمنية وسياسية وأخرى خدمية ومالية ترتبط بقطاع البنوك والأعمال.

وبحسب ما ذكر عضو البرلمان العراقي، فإن الحملات والهجمات التي طاولت رئيس الوزراء "ظاهرها شيء والدافع الحقيقي من خلفها شيء آخر"، على حد تعبيره، مضيفا أن "الهجمات والانتقادات التي يتعرض لها السوداني ستتوقف فورا في حال أعلن أنه لن يشارك بالانتخابات المقبلة، وهذا واضح للجميع، لذا فإن منافسيه الرئيسيين في الجنوب والوسط هم من يهاجمونه اليوم".

وتابع قائلا إن "تسخير محللين وكتاب سياسيين وحتى بعض النواب للهجوم أو لانتقاد الحكومة ورئيسها بات أسلوبا سياسيا معروفا في العراق".

من جهته، أقر عقيل الرديني، المتحدث باسم ائتلاف "النصر"، وهو واحد من مكونات قوى الإطار التنسيقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بوجود ما وصفها "اختلافات في وجهات النظر"، بين بعض أطراف الإطار التنسيقي من جهة ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني من جهة أخرى، لكنه وصفها بأنها "أمر طبيعي، رغم أن هناك من يحاول استغلال أي حدث من أجل استهداف السوداني سياسيا وانتخابيا".

ويتابع الرديني أن "ذلك كان واضحا من خلال سعي بعض الأطراف إلى تعديل قانون انتخابات البرلمان من أجل وضع عراقيل أمام السوداني خلال العملية الانتخابية ومحاولة تقويضه، فهناك خشية من السوداني انتخابيا من بعض الأطراف داخل الإطار التنسيقي من أنه قد يكون منافسا لها ويحصل على أعلى المقاعد ما بين الكتل السياسية الشيعية، خاصة في ظل غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي".

وأكد أن "دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد لحضور القمة العربية، حاولت بعض الأطراف من داخل الإطار التنسيقي استغلالها من أجل استهداف السوداني سياسياً وانتخابياً"، مضيفاً "هذا الخلاف وتصاعده أمر طبيعي في ظل قرب العملية الانتخابية، والتنافس ما بين كل الأطراف السياسية".

هل تصل الخلافات مع السوداني إلى صدام مفتوح؟

أما الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي فعلّق بدوره على الخلافات المتصاعدة بأنها ذات "طبيعة مصلحية"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "من الطبيعي تصاعد الخلاف بين السوداني وقادة الإطار التنسيقي نتيجة تباين الرؤى بين إصراره في تعزيز هيبة الدولة وتحقيق بعض الاستقلالية، وبين مصالح بعض أطراف الإطار الساعية للحفاظ على نفوذها السياسي والاقتصادي".

وأوضح أنه "مع اقتراب الانتخابات، تزداد الحساسية بين الطرفين، حيث يسعى كل طرف لتعزيز موقعه الجماهيري، والخلاف مرشح للتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات، وإذا حاول السوداني المضي بإصلاحات تمس مصالح قوى نافذة داخل الإطار التنسيقي، لكن من غير المرجح أن يتحول إلى صدام مفتوح بوجود الضامن والحليف الايراني، إذ لا مصلحة لأي طرف بتفجير الوضع، بل سيبقى الصراع ضمن حدود التفاوض والتجاذب السياسي، ما لم تطرأ متغيرات خارجية تؤججه".

وأكد أن "الخلافات بين السوداني والإطار التنسيقي تتعمق حول ملفات عدة، أبرزها التعيينات الإدارية والاقتصادية، وطريقة إدارة الدولة، خاصة في ما يتعلق بمحاربة الفساد وتوسيع صلاحيات الدولة على حساب نفوذ الأحزاب، والسوداني يحاول تقديم نفسه قائداً حكومياً مستقلاً يخاطب الشارع، بينما ترى بعض قوى الإطار أنه تجاوز التفاهمات التي أوصلته للسلطة".

وتابع الباحث في الشأن السياسي أن "علاقات السوداني الإقليمية، خصوصاً مع واشنطن والسعودية، تثير تحفظات داخل الإطار، ومن جهة أخرى، فإن تصاعد طموحات السوداني في البقاء لولاية ثانية دون توافق كامل مع الإطار، يعمّق الشكوك والضغوط، ما يهدد بتحول الخلاف السياسي إلى أزمة حادة داخل البيت الشيعي".

بدوره، يشرح الباحث في مركز الدراسات السياسية ببغداد نبيل العزاوي طبيعة الخلافات بالقول إنها جاءت بعد "تحول السوداني إلى رقم مهم بمعادلة القوى السياسية الشيعية، وباتت له مقبولية شعبية، لذا أصبحت تلك القوى السياسية تحاول وبمختلف الاتجاهات تحييد التصاعد بتلويحها بقانون جديد يمكن أن يكون مصداً لعلو رياح السوداني".

وأضاف العزاوي أنه "مع هذا المنسوب المتصاعد، يمكن أن تظهر خلافات أخرى وخلال الفترة القادمة، باعتبار أن القوى الكلاسيكية انتهى عمرها الافتراضي ولا ترغب بمواجهة.. هذه الحقيقة؛ فالناخب اليوم هو ليس ناخب الأمس الذي كانت تمرر عليه وبسهولة الدعايات الانتخابية المستهلكة، ومن سيرسم المشهد القادم هو من امتلك فلسفة البناء وتقديم الخدمات الحقيقية وليست الورقية وحيّد المواقف ونأى بالبلد من المجاهل الخطرة"، وفقا لقوله.

وحددت الحكومة العراقية، في وقت سابق، الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما أكد مراقبون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوطات تعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من قبل بعض قادة تحالف الإطار التنسيقي.

وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولاها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما كانت الأخيرة في أكتوبر 2021، وجرى اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكلّ محافظة في النسخ الأربع الأولى، والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand