تحديد آلية تصدير نفط كردستان العراق بعد مفاوضات لأكثر من سنتين

2025-08-19 08:13:48

عربية:Draw

بعد مفاوضات طويلة وتوقف دام لأكثر من سنتين لتصدير نفط حقول كردستان العراق، أعلنت حكومة الإقليم التوصل إلى اتفاق مع بغداد بشأن آلية تصدير النفط عبر أنبوب كركوك الممتد إلى ميناء جيهان التركي الذي كان أحد أكبر مسارات تصدير الخام في العراق. وأفرزت الأحداث السياسية عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وكتابة الدستور الجديد للبلاد، عدة تغييرات جذرية، بعد إقرار المحافظات الشمالية ذات الغالبية الكردية إقليماً إدارياً مع صلاحيات واسعة في الثروات وإدارة الموارد دون العودة إلى العاصمة بغداد حيث الحكومة المركزية، ما خلق أزمات متكررة على مدى العشرين عاماً الماضية.

ويمتد هذا الخط النفطي على مسافة تُقدّر بنحو 986 كيلومتراً وبطاقة تصميمية تبلغ نحو 1.4 مليون برميل يومياً رغم انخفاض الأداء خلال الفترة الأخيرة إلى مستويات أدنى بفعل تضرر الشبكة. وبموجب الاتفاق، الذي جاء تتويجاً لمشاورات بدأت في 17 يوليو/ تموز 2025، سيُخصص 50 ألف برميل يومياً للاستهلاك المحلي في كردستان، فيما تُسلم الكمية المتبقية إلى شركة تسويق النفط العراقية (سومو). ويتوقع مختصون أن يبدأ التصدير بكميات أولية تقارب 100 ألف برميل يومياً، قبل أن يزداد تدريجياً إلى 300 ألف برميل يومياً، مع استكمال تقييم الجاهزية الفنية اللوجستية، والاتفاق بين الجانبين العراقي والتركي، بما يعيد هذا الخط الحيوي تدريجياً إلى طاقته التشغيلية.

وأعلنت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، الأربعاء الماضي، عن التوصّل إلى اتفاق مع وزارة النفط الاتحادية في حكومة بغداد بشأن آلية تصدير النفط الخام، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات والزيارات الميدانية التي شملت جميع حقول النفط في الإقليم.

آلية تسليم النفط

وأفاد عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، باسم الغريباوي، بأن التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان بعد توقف دام أكثر من سنتين، يمثل خطوة محورية لإنهاء أزمة كبّدت العراق خسائر بمليارات الدولارات. وأوضح الغريباوي أن الاتفاق النهائي تضمّن محضر تفاهم يُحدّد آليةً واضحةً لتسليم النفط المنتج في الإقليم إلى وزارة النفط الاتحادية، على أن تتولى شركة نفط الشمال في كركوك مهمة استلامه وتخزينه بشكل مركزي قبل ضخه عبر أنبوب التصدير إلى ميناء جيهان التركي بعد إكمال الاتفاق النهائي مع الجانب التركي.

وبيّن، أن هذه الآلية تتيح استئناف التصدير تدريجياً خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد إجراء الاستعدادات الفنية واللوجستية اللازمة، ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الإيرادات العامة ويعزّز موارد الخزينة الاتحادية. وأشار الغريباوي إلى أن إعادة تشغيل خط التصدير عبر ميناء جيهان ستُسهم في استقرار الإمدادات النفطية العراقية في الأسواق العالمية، فضلاً عن كونه خطوةً عمليةً نحو حلحلة ملفات عالقة أخرى بين الطرفين، وفي مقدّمتها ملف رواتب موظفي الإقليم وضمان حقوقهم المالية.

أثر توقف التصدير

في السياق، قال الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني، إنّ توقف تصدير نفط إقليم كردستان لأكثر من عامين ألحق أضراراً بمليارات الدولارات بالاقتصاد العراقي، قبل أن تتوّج المفاوضات التي بدأت في 17 يوليو/ تموز الماضي بتوقيع اتفاقية لاستئناف التصدير عبر ميناء جيهان التركي في 11 أغسطس/ آب الجاري. وأضاف، شيرواني، لـ"العربي الجديد"، أن الاتفاقية جاءت بعد تقييم فني شامل شمل الحقول والآبار النفطية وشبكة الأنابيب، لتحديد جاهزيتها لنقل النفط إلى الأراضي التركية، وبموجب الاتفاق، يخصص 50 ألف برميل يومياً لتغطية احتياجات الإقليم المحلية، فيما تُسلم الكمية المتبقية لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) للتصدير، من دون تحديد سقف ثابت، ما يمنح مرونة في الإمدادات تبعاً للظروف الفنية والهندسية.

وأوضح أن هناك رغبة تركية في زيادة الكميات المصدرة عبر الأنبوب النفطي الواصل إلى ميناء جيهان. وختم شيرواني بالتأكيد أنّ نجاح هذا الاتفاق قد يعزز الثقة بين حكومتي بغداد وأربيل، ويمهّد لمعالجة ملفات عالقة، من بينها ملف رواتب موظفي الإقليم، بما ينعكس إيجاباً على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

كهرباء العراق، محطة خورمالا للطاقة، جنوب أربيل في 15 يونيو 2025 (فرانس برس)

إيرادات رسمية

وتعليقا على هذا التطور النفطي والاقتصادي المهم، قال الخبير الاقتصادي، همام الشماع، إن الاتفاق يمثل خطوة ذات بعد اقتصادي مهم، ليس فقط لزيادة تدفق النفط، وإنما لإدخال إيرادات الإقليم إلى الخزينة الاتحادية بشكل رسمي. وأوضح أن العراق، رغم التزامه بسقف الإنتاج والتصدير الذي تحدده أوبك+، سيستفيد من إعادة توزيع هذه الحصة بين الجنوب والإقليم، بحيث تُحتسب صادرات الإقليم ضمن الكمية المسموحة، لكن بعوائد تدخل مباشرة في الموازنة العامة.

وأشار الشماع، إلى أن هذه الخطوة ستساعد على تقليص العجز الفعلي في الموازنة من خلال أربعة محاور، تتمثل في تحويل إيرادات الإقليم من السوق غير الرسمي إلى القنوات الحكومية، ما يعزّز الإيرادات العامة. وأضاف أنها ستُسهم في خفض النفقات الطارئة التي كانت تتحملها بغداد لتغطية احتياجات الإقليم، وتحسين أسعار البيع عبر عقود "سومو" مقارنة بأسعار البيع المستقلة، فضلاً عن رفع كفاءة التسويق بما يحقق عوائد أعلى ضمن نفس الحصة الإنتاجية. وأفاد الشماع بأن الاتفاق يشكّل أرضيةً لتسويات اقتصادية أوسع بين الجانبين، وقد يكون مدخلاً لحل ملفات أخرى عالقة.

المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand