«السلاح المنفلت» في العراق... جدل لم يُحسم وسط تراجع المواقف الأميركية

2025-03-04 13:06:36

عربية:Draw

رغم التزام الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران الصمت بشأن تنفيذ أي عمليات عسكرية، سواء ضد القوات الأميركية في العراق أو عبر استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، فإن التوتر لا يزال قائماً، وكأن هناك النار تحت الرماد".

ورغم أن بغداد الرسمية تلقت أول اتصال رسمي من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر المكالمة المثيرة للجدل بين وزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، فإن الحكومة العراقية لم تعلن عن أي موقف جديد بشأن مصير السلاح والفصائل المسلحة، أو حتى علاقاتها مع إيران، خصوصاً في ظل سياسة الضغوط القصوى التي تمارسها واشنطن ضد طهران.

وتشير المعطيات إلى أن الفصائل المسلحة تتعامل بحذر مع التطورات الإقليمية؛ ما قد يفسر التزامها الهدوء تجاه الولايات المتحدة، حتى في ظل التحركات الأميركية الأخيرة في العراق، مثل اقتحام قوة أميركية لمطار النجف خلال عملية ليلية، دون أن يثير ذلك أي ردود فعل أو مواقف علنية من تلك الفصائل.

هذا الصمت يثير التساؤلات، خاصة أن هذه الفصائل كانت قبل وصول إدارة ترمب إلى السلطة تصدر بيانات ومواقف حادة بشأن انتهاكات السيادة العراقية، حتى في قضايا أقل حدة بكثير مما حدث مؤخراً.

وبالتزامن مع النقاش الدائر حول ملف السلاح في العراق، بما في ذلك ما يُعرف بـ«السلاح المنفلت» وسلاح الفصائل المسلحة، وعلاقة هذا الملف بإيران، قدّم عدد من القادة العراقيين المؤيدين للفصائل المسلحة وإيران مقاربة مختلفة لمفهوم السلاح والسيادة.

ففي هذا السياق، قال رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي خلال لقاء تلفزيوني: "سلاح الفصائل المسلحة لا يهدد السيادة بحيث تتم المطالبة بنزعه، بل من يهدد السيادة هو عملية الانتهاك الصريح التي حصلت جراء قيام طائرات أميركية بإنزال في مطار النجف".

وعلى الرغم من الجدل الدائر داخل الأوساط الشيعية حول سلاح الفصائل المسلحة، وكيفية إعادة هيكلة «الحشد الشعبي» - وهو ما طالب به المالكي نفسه - بالإضافة إلى حدود العلاقة بين «الحشد» والفصائل وارتباط ذلك بالقائد العام للقوات المسلحة، فإنه يبدو أن هذا الجدل لم يُفضِ إلى نتيجة واضحة حتى الآن.

ويأتي هذا التراجع في النقاشات وسط مؤشرات على تراخٍ أميركي ملحوظ تجاه ملف الفصائل المسلحة وعلاقتها بإيران، بعد أن بدا أن واشنطن كانت تتخذ مواقف أكثر تشدداً في السابق.

وتجد إيران نفسها في مأزق جديد عقب الإعلان المفاجئ للمرشد الإيراني، علي خامنئي، منع التفاوض مع الولايات المتحدة؛ ما يزيد من حالة القلق من تصاعد التشدد الأميركي من جهة، وانعكاساته المحتملة على الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها من جهة أخرى.

هذا القلق - أو الحيرة - الذي تحول إلى مأزق سياسي داخل منظومة الحكم الإيرانية، بدأ ينعكس بشكل أو بآخر على ما يجري على جبهة الفصائل المسلحة في العراق. وعلى الرغم من أن المساعي التي تقوم بها الحكومة العراقية لنزع سلاح تلك الفصائل - وفقاً للمعلومات المتداولة من أوساط متطابقة - بدأت تشهد تراجعاً نحو حسم هذا الملف الشائك، فإن التصريحات الأخيرة لبعض القادة العراقيين أضافت بُعداً جديداً للنقاش. فقد عبّر نوري المالكي عن موقفٍ مغاير حين قارن بين سلاح الفصائل والانتهاكات الأميركية، مثل عملية إنزال الطائرات الأميركية في مطار عراقي. هذا الموقف وجد تأييداً من زعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي قدم رؤية جديدة حول سلاح الفصائل المسلحة.

وفي حوار مع التلفزيون العراقي عشية شهر رمضان، قال الخزعلي: «الدعوات لتسليم سلاح الفصائل محاولة لتجريد العراق من السلاح الاحتياطي. هذا السلاح هو الذي حمى الدولة العراقية في عام 2014 في وقت ما كان هناك حشد، وتوجد حالة انهيار في الجيش». وأضاف بلغة أكثر وضوحاً، بعد أن بدا أن الجماعات المسلحة العراقية استوعبت صدمة سياسات ترمب، خاصة مع تراجع أولوية ملف سلاح الفصائل، ووجودها كقوة فاعلة على الأرض: "لو كانت هناك ضمانات وتعهدات بوجود أمان واطمئنان، وعدم وجود خطر مستقبلي يفرض الحاجة لهذا السلاح، فسأقبل وقتذاك".

وشدد الخزعلي الذي يشارك في العملية السياسية وله وزراء في الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، على أن «الخوف موجود، والشعور بالخطر موجود، ومن حقي أن أومن بوجود السلاح». واشترط لنزع سلاح الفصائل وصول الدولة العراقية إلى مرحلة "تمتلك فيها قرارها السيادي دون التأثر بأي ضغوط أجنبية. عندها يكون الحديث عن هذا الموضوع مشروعاً".

وأضاف: «إذا استطاعت الدولة العراقية أن تمتلك منظومة دفاع جوي تدافع بها عن سيادتها في سمائها، حينها نتكلم عن هذا الملف (سلاح الفصائل)». وتابع قائلاً: «إسرائيل تستطيع الآن أن تخترق أجواء العراق متى تشاء وتضرب أي هدف. هل هناك شيء يمنعها؟ هل العراق يستطيع أن يدافع؟». كما أشار إلى أن "تركيا تخترق أجواء شمال العراق متى تشاء وتضرب أي هدف تريده".

يُذكر أن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أكد الشهر الماضي أن حكومته تعمل على دمج الفصائل ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، مشيراً إلى عزم حكومته على بناء عراق جديد يستند إلى إرثه الحضاري العربي.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الحكومة تحاول إقناع الفصائل المسلحة في البلاد بإلقاء السلاح، أو الانضمام إلى الجيش والقوات الأمنية الرسمية.

المصدر: الشرق الأوسط

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand