الأكراد يردون على تعطيل صرف الرواتب: لن ندعم ولاية ثانية للسودان

2025-01-30 16:59:55

عربية:Draw

كشف مصدر كردي رفيع في تصريح لـ”العرب” عن “غضب عارم” في أوساط القيادة الكردية من أداء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووصفه بـ”المخيب للآمال”، خاصة ما تعلق بملف الرواتب وإدارة ملف النفط.

وأكد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا إلى حساسية المعلومات، أن القيادة الكردية، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، تُحمّل السوداني المسؤولية الكاملة عن “الأزمة المالية الخانقة” التي يعيشها الإقليم، وتعتبره “المسؤول الأول” عن “تجويع” موظفي الإقليم و”حرمانهم” من رواتبهم لأشهر.

وأضاف أن السوداني “خان الثقة” التي منحها إياه الزعيم الكردي مسعود بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، واللذان كانا من أشد الداعمين لتشكيل حكومته، كاشفا عن أن “القيادة الكردية” لن تدعم ولاية ثانية للسوداني في الانتخابات المقررة في أكتوبر القادم، وأنه “أهدر فرصة تاريخية” لبناء ثقة متبادلة مع الإقليم.

وكان نواب الديمقراطي الكردستاني قد دعموا استلام السوداني للحكومة في ولايته الأولى. وفي ظل التوتر الحالي بين السوداني وقوى نيابية أخرى، فإن امتناع الحزب الديمقراطي عن دعم السوداني سيعيق سعيه للحصول على ولاية ثانية.

وشهدت الأجواء بين بغداد وأربيل خلال الأيام الماضية توترا و”حرب بيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لم تصرف إلى حد الآن رواتب شهر ديسمبر.

وبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية أنها حولت الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول إن الأموال التي وصلتها من بغداد أقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار (أكثر من 600 مليون دولار)، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من عام 2024.

ومن الواضح أن الخلاف لم يعد يتعلق بالتفاصيل ومسار التفاوض وإجراءاته وإنما بتهاوي الثقة من جانب القيادة الكردية تجاه رئيس الحكومة الاتحادية الذي يبدو كما لو أنه يستهدف الإقليم بهذه التصرفات، وهو ما أشار إليه المصدر بالقول إن السوداني “يتلاعب” بالقيادة الكردية و”يخدعها” بـ”الوعود الكاذبة” و”التطمينات المضللة”، بينما يعمل في الخفاء على “تقويض” الإقليم و”إضعافه” من خلال “حرب اقتصادية ممنهجة".

وأشار إلى أن السوداني “يتعمد” تأخير إرسال المستحقات المالية إلى الإقليم، و”يختلق” الأعذار والحجج لتبرير تقاعسه، فيما “يُحرك” وزيرة المالية ضد الإقليم لـ”عرقلة” أي اختراق جذري لهذا الملف.

والخميس الماضي ذكر المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هوراماني، في مؤتمر صحفي، أن الإيرادات الداخلية سيتم تسليمها إلى بغداد في حال أرسلت الحكومة الاتحادية كافة استحقاقات إقليم كردستان من الموازنة وليس الرواتب فقط، مضيفا أن الإقليم مستعد لبيع نفطه عبر شركة سومو.

وقال “إننا مستعدون لبيع النفط عبر شركة سومو، لكن من الذي أبطأ عملية استئناف تصدير النفط وتسبب للعراق في خسائر تقدر بأكثر من 25 مليار دولار؟ بالطبع لم تحدث انتهاكات من جانب حكومة إقليم كردستان وإنما حدثت من جانب الحكومة الاتحادية، وحتى لو كان رئيس الوزراء العراقي يريد حل هذه المسألة فإن هناك قوى وأطرافا أخرى تمنع تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين أربيل وبغداد بشكل رسمي".

ولم يقتصر اتهام الأكراد لرئيس الوزراء الاتحادي بـ”التآمر” على ملف الرواتب، بل امتد إلى ملف النفط، حيث اتهم المصدر السوداني بـ”التواطؤ” مع جهات “معادية” للإقليم لـ”خنق” اقتصاده و”إجباره” على الركوع من خلال “منع” تصدير نفطه. وأشار إلى أن السوداني “ينفذ أجندات” الجهات التي “تسعى للسيطرة” على ثروات الإقليم و”نهبها”.

وكشف المصدر عن “مخطط خبيث” يقوده السوداني لـ”إخضاع” الإقليم و”فرض هيمنة” بغداد عليه، عبر “استغلال” حاجة الإقليم إلى المال و”ابتزازه” بورقة الرواتب.

وكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني قد أجرى زيارة إلى بغداد في 12 يناير الجاري، حيث التقى السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي يُتهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الإقليم.

ولم تكن زيارة بارزاني مجرّد محاولة لحلّ أزمة الرواتب، بل سعت أيضا لمعالجة قضايا أعمق تتعلّق بالعلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل الشفافية في إدارة الموارد وآليات تنفيذ الاتفاقات المالية.

وخلال زيارته التي استمرت يومين دعا بارزاني إلى “تعديل قانون الموازنة بما يضمن ‘العدالة’ في توزيع الحقوق المالية للإقليم وتأمين الرواتب.”

لكن المساعي الهادئة لقيادة الإقليم لم تفلح مع السوداني في الوصول إلى حلول بشأن نقاط الخلاف، ما دفع المصدر الكردي السابق إلى اعتبار أن السوداني “يريد إجبار” الإقليم على “التنازل” عن حقوقه الدستورية و”القبول” بـ”شروط مجحفة” تمس خصوصيته.

وشدد المصدر على أن “وزارة المالية الاتحادية، بتوجيه مباشر من السوداني، تجاوزت كل صلاحياتها الدستورية” في تعاملها مع الإقليم، واعتبر ما يحدث الآن “انتهاكا صريحا” للدستور و”اعتداء سافرا” على حقوق شعب كردستان. وأكد أن حكومة إقليم كردستان قدمت كل المعلومات والبيانات اللازمة لوزارة المالية في بغداد، رغم أن ذلك ليس من المفترض، كون الإقليم يتمتع بوضع دستوري كإقليم اتحادي، وليس محافظة.

وحذر المصدر من أن “استمرار سياسة التسويف والمماطلة والتآمر” من جانب السوداني سيؤدي إلى “تصعيد كردي غير مسبوق” و”تداعيات كارثية” على العلاقات بين أربيل وبغداد، قد تصل إلى حد “قطع العلاقات” و”القطيعة الدائمة”. وشدد على أن القيادة الكردية لن تقف “مكتوفة الأيدي” أمام “انتهاك حقوق” الإقليم و”إهانة” شعبه، وستستخدم “كل الوسائل المشروعة” للدفاع عن مصالحها.

 وختم المصدر بالتأكيد على أن “الكرة الآن في ملعب السوداني،” وحثّه على “اتخاذ خطوات جادة وفورية” لـ”إصلاح الضرر” الذي لحق بالعلاقات مع الإقليم، و”إثبات حسن نيته” من خلال “الوفاء بالتزاماته” و”وقف سياسة الابتزاز والضغط والتآمر.” وإلا فإن “الثمن سيكون باهظاً” ولن يتحمله السوداني وحده، بل “العراق بأكمله”.

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand