الاتّحاد الوطني يعترض على شخص مسرور بارزاني ولايريد أن يتكرر ذات الشخص في تولي منصب رئيس الحكومة
2024-11-28 07:28:18
عربية:Draw
اطلقت مصادقة مفوضية الانتخابات العراقية على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق وتحديد الرئيس نيجيرفان بارزاني لموعد عقد أول جلسة للبرلمان الجديد، حراك تشكيل حكومة جديدة وذلك بمبادرة من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أفرزته صناديق الاقتراع فائزا في الاستحقاق الانتخابي ومرشّحا رئيسيا لمواصلة قيادة سلطات الإقليم.
ويكتسي حراك تشكيل الحكومة هذه المرّة أهمية استثنائية كونه يجري في ظلّ صعوبات متوقّعة في التوافق على المناصب القيادية جرّاء ما يبديه الاتّحاد الوطني الكردستاني القوّة السياسية الثانية في الإقليم من رفع لسقف مطالباته بشكل لا يتوافق مع نتائج الانتخابات.
وأعلن دلشاد شهاب عضو وفد المفاوضات في الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، الأربعاء، عن توجه الوفد التفاوضي إلى السليمانية معقل الاتحاد الوطني بقيادة بافل طالباني، للحوار مع الأطراف السياسية الأخرى لتشكيل الحكومة العاشرة لإقليم كردستان.
كشف في مؤتمر صحفي أنّ الحزب تواصل مع جميع الأحزاب السياسية وأنّه سيعقد اجتماعات مع الجميع بما في ذلك القوى التي اعترضت على نتائج الانتخابات وأعلنت موقفها المسبق بعدم المشاركة في الحكومة القادمة.
وعمل حزب بارزاني منذ استكمال إجراء الاستحقاق الانتخابي وظهور النتائج على خفض التوتّر السياسي الذي أحدثته الحملة الانتخابية الساخنة وما سبقها من خلافات حول القانون الانتخابي، داعيا الجميع للحوار والتوافق درءا للفراغ في السلطة وحماية لوحدة الإقليم وتماسكه.
وأكد مسؤول المكتب التنظيمي للحزب هيمن هورامي أن أبواب الديمقراطي مفتوحة أمام كافة الأطراف السياسية.
وقال هورامي للصحافيين “ندعو الأحزاب السياسية للارتقاء إلى مستوى المسؤولية الكبيرة التي وضعها أبناء كردستان في أعناقنا جميعا،” مؤكدا أن “الحزب الديمقراطي سيلتقي كافة الأحزاب والباب مفتوح للجميع.”
وأضاف “إنها مرحلة جديدة لشعب كردستان الذي شارك في انتخابات فعالة ليتم تشكيل الحكومة العاشرة لإقليم كردستان في أقرب وقت ممكن وستكون واجباتها تعزيز استمرار الإصلاح وتحسين أوضاع مواطني الإقليم وإدارة القضايا القائمة مع بغداد.”
وقابل حزب طالباني تلك الدعوات بمواصلة إصداره إشارات بشأن تشدّده في التمسّك بموقفه الذي لخّصه بـ”تغيير مسار الحكم،” في إشارة إلى طموحه إلى تعظيم مكانته في قيادة الإقليم بغض النظر عمّا أفرزته صناديق الاقتراع.
وأوضح شهاب “أردنا أن نلتقي بالأحزاب السياسية حسب ترتيب المقاعد والنتائج الانتخابية، وفي البداية أردنا زيارة المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني،” مؤكّدا مواصلة الاتصالات لعقد اجتماع في الأيام المقبلة.
وجدّد عضو الوفد التفاوضي موقف الحزب الديمقراطي بشأن حلحلة المسائل الخلافية بالحوار قائلا إنّ “الحزب منفتح على جميع الأحزاب السياسية ويريد تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة،” مضيفا أن “أحد مبادئ تشكيل الحكومة العاشرة هو احترام نتائج الانتخابات وحزبنا هو الفائز الأول، ولذلك يجب احترام أصوات المواطنين خلال المفاوضات.”
وعلى الطرف المقابل كرّر أعضاء الاتّحاد الوطني موقف حزبهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وشروط المشاركة فيها.
وقال سعدي بيره المتحدث باسم الاتحاد الوطني إنّ الأخير سيدخل برلمان كردستان ببرنامج شامل ومحكم وهو مستعد لعقد الجلسة البرلمانية الأولى.
وأضاف “بعد تلك الجلسة سيتم فتح باب الحوارات بين الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة، ونحن أبوابنا مفتوحة أمام أيّ طرف مستعد للحوار ونؤكد ضرورة تصحيح مسار الحكم في إقليم كردستان.”
من جهته أعلن جعفر الشيخ مصطفى مسؤول مجلس حماية المصالح العليا للاتحاد الوطني أنّ الحزب “لا يرفض الحوار مع أيّ طرف سياسي ومستعد للتفاهم في جميع الأوقات، لكنه غير مستعد للتنازل بل مستعد للاتفاق.”
وتثير مواقف الاتحاد الوطني المخاوف بشأن تعطيل تشكيل الحكومة بإطالة أمد المفاوضات بشأنها الأمر الذي قد يخلق حالة من الفراغ وتعطيلا لعمل سلطات الإقليم في وقت حساس يتميّز بحالة من التوتّر وعدم الاستقرار في المنطقة يُخشى أن تمتّد تبعاتها إلى العراق، وفي ظرف اقتصادي واجتماعي صعب في إقليم كردستان ناتج عن تأخّر السلطة الاتحادية العراقية في السماح باستئناف تصدير نفط الإقليم وتلكؤ بغداد في تحويل رواتب موظفيه بشكل منتظم.
وتعليقا على إمكانية تأخر تشكيل حكومة كردستان العراق في ضوء الإشارات السلبية الصادرة عن الاتحاد الوطني توقّع العضو السابق في برلمان الإقليم عبدالسلام برواري أن تمتدّ المفاوضات هذه المرّة لمدد أطول من السابق.
كما توقع أن يبدأ الإشكال مع انتخاب رئاسة جديدة للبرلمان. وقال في تصريحات لشبكة رووداو الإخبارية المحلية “لا أعتقد أن انتخاب رئاسة البرلمان ستمر بلا مشكلة فهذا يحتاج إلى توافق ويتطلب تصويت واحد وخمسين عضوا، ولكن الاتحاد الوطني سيعمل على تأجيل الموضوع.”
وبيّن برواري أنّ “الخطوة الثانية بعد انتخاب رئيس البرلمان يجب أن تكون انتخاب رئيس للإقليم، وهذا أيضا سيحتاج إلى الحصول على واحد وخمسين صوتا.”
وشرح أنّ المرشح لتشكيل الحكومة والذي سيكون من الحزب الديمقراطي باعتباره الفائز في الانتخابات سيحتاج إلى ثلاثين يوما ليقدم كابينته إلى البرلمان وستحتاج أيضا إلى واحد وخمسين صوتا للمصادقة عليها وإذا فشل المرشح الأول، فإن الحزب نفسه سيقدم مرشحا آخر، وإذا فشل فسيكون من حق الحزب الثاني من حيث عدد الأصوات وهو الاتّحاد الوطني أن يشكل الحكومة.
واستدرك برواري بالقول “هذه هي الخطوات القانونية، أما الواقع فيقول إن الحملة الانتخابية للاتحاد الوطني كانت تقوم على أساس إجراء التغيير، ونحن نعتقد أنهم يعنون تغيير رئيس الحكومة وهدفهم أن مسرور بارزاني لن يبقى في منصبه كرئيس للوزراء، ويقولون في سرهم نقبل بأن يكون نيجيرفان بارزاني رئيسا للحكومة بدلا من مسرور.”
واعتبر أن قادة الاتّحاد “عندهم مشكلة مع مسرور بارزاني والمشكلة ليست مع نظام تشكيل الحكومة، أي هم غير معترضين على أن يتكرر ذات الشخص في المنصب لكنهم معترضون على شخص مسرور بارزاني بالذات. وفي النظام البرلماني ليس هناك اعتراض على بقاء رئيس الوزراء في منصبه لأكثر من ولاية ما دام حزبه الفائز يرشحه، وهم سيربطون موضوع تشكيل حكومة إقليم كردستان برئاسة جمهورية العراق وهذا يحدث بعد كل انتخابات وقد يجرجرون الموضوع حتى الانتخابات التشريعية العراقية أملا في الحصول على أصوات أكثر ليفرضوا شروطهم هنا في الإقليم.”
وبشأن الحلّ القانوني لهذه المعضلة إذا حدثت بالفعل قال برواري إنّ “القوانين واضحة في هذه الحالة وتنص على أن يبقى رئيس الإقليم ورئيس الوزراء في منصبيهما لتسيير الأعمال حتى يتم اختيار بديلين عنهما، والحكومة الحالية تستمر في عملها.”
وعدّ العضو السابق في برلمان الإقليم الموقف المتوقّع للاتّحاد الوطني من تشكيل الحكومة جزءا من تكتيكاته التفاوضية المعهودة، قائلا إنّه “يمارس عادة هذه الأساليب ويرفع من سقف مطالبه. وفي النهاية نحن نعرف وهم يعرفون وكذلك الناس تعرف، بأنه يجب أن تتشكل الحكومة بالاتفاق ما بين الديمقراطي والاتحاد الوطني، وهذا هو الواقع في إقليم كردستان.. ولا يمكن أن تتشكل حكومة من دون الحزبين.”
وذكّر برواري بأن ما يبدو الاتحاد مقبلا عليه هو نفس ما فعله في الانتخابات الماضية “حيث عمد إلى تأخير تشكيل الحكومة لسبعة أشهر ثم حصل على ستّ وزارات من ضمنها أربع سيادية إضافة إلى مناصب نائب رئيس الإقليم ونائب رئيس الحكومة ورئاسة البرلمان وهذا هو الذي يهمه في الحقيقة.”
وأشار برواري وهو عضو بالحزب الديمقراطي إلى أنّ الأخير “مستعد لأن يضحي بوزارة أو أكثر من أجل مصالح إقليم كردستان وشعبه.”
وأجريت انتخابات برلمان كردستان العراق في العشرين من شهر أكتوبر الماضي وتم في الثلاثين من الشهر نفسه إعلان نتائجها النهائية التي تصدّرها الحزب الديمقراطي بحصوله على تسعة وثلاثين مقعدا من المقاعد المئة للبرلمان، بينما حلّ الاتحاد الوطني ثانيا بثلاثة وعشرين، وحصلت حركة الجيل الجديد على خمسة عشر مقعدا لتحل ثالثة.
وحدد رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني موعد عقد أول جلسة للدورة البرلمانية السادسة بالثاني من شهر ديسمبر القادم.