إغلاق مقرات حزب الدعوة: الصدر يتصدى لمحاولات إقصائه
2023-07-16 22:59:52
عربية:Draw
دفعت مؤشراتُ تَورّطِ حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي وأطراف أخرى من جماعات الإطار التنسيقي في حرب تصفية معنوية ضد مقتدى الصدر بهدف إقصائه سياسيا -على ما يبدو- التيار الصدري وسرايا السلام (الميليشيا المسلحة التابعة له) إلى الرد بهجوم مسلح على مقر الدعوة في النجف، وإغلاق مقراته في عدد من محافظات الوسط والجنوب، فضلا عن الدخول في حملة لاستعراض القوة في البصرة في مواجهة مع ميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي.
وبدأت المواجهة عندما اتهم التيار الصدري مسؤولين في حزب الدعوة بالإساءة إلى مرجع التيار الراحل محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، بزعم أنه كان على علاقة بالنظام السابق. فكتب حسن العذاري على صفحته في فيسبوك السبت “انتشرت في الآونة الأخيرة وبصورة ملفتة للنظر مقاطع ومنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلى سمعة وسيرة سيدنا الشهيد محمد الصدر، وتتهمه بالعلاقة مع نظام البعث. ويبدو أن ذلك يتمّ من خلال حملة إعلامية منظمة تقودها بعض الجهات الإطارية (الإطار التنسيقي) كحزب الدعوة".
كما ظهرت جماعة جديدة تدعى “الثأر الحسيني” لتهاجم “أصحاب القضية” المنشقين عن التيار الصدري والذين اتهمهم الصدر بالتجديف.
ويقول مراقبون إن تشكيل جماعات بأسماء جديدة يعدّ إحدى الوسائل المألوفة لدى ميليشيات الإطار التنسيقي التي تظهر لتؤدي أغراضا أمنية، مثل الاختطافات والاغتيالات، أو لتتكرس فيما بعد كقوة مسلحة، وهو ما حصل مع عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي وغيرهما.
وقبل أيام شنت جماعة “الثأر الحسيني” هجوما لاذعا ضد مقتدى الصدر، ووصفته بأنه جاهل وغبي، وهما من الأوصاف ذاتها التي رددها المالكي من قبل.
وكان الصدر أعلن الشهر الماضي أن جماعة “أصحاب القضية” من الفاسدين الذين تجب محاربتهم، وتبرأ منها بعد أن بايعته وزعمت أنه الإمام المهدي المنتظر لدى الشيعة الاثني عشرية.
ولكن هجوم جماعة “الثأر الحسيني” على “أصحاب القضية” وعلى الصدر نفسه، وتكرار اتهام والده بالارتباط بالنظام السابق، أوحيا للصدريين بأنهم باتوا هدفا لحرب شاملة تستهدف إحباط سعي التيار الصدري للمشاركة في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.
وشكل الهجوم بقذيفة صاروخية على مقر حزب الدعوة في النجف منطلقا لهجمات على مقرات أخرى للحزب شملت مدينة الصدر في بغداد والبصرة وذي قار حيث قام الصدريون بإغلاقها، ونشروا لافتات على أبوابها تقول “مغلق بأمر أبناء الصدر".
ونفى حزب الدعوة الاتهامات الموجهة إليه، وأكد أن الصفحات المسيئة للصدر “وهمية”، وقال في بيان “انتشرت في الآونة الأخيرة أوراق ورسائل صفراء تدعي أن صفحات محسوبة على الأمين العام للحزب نوري المالكي، أو محسوبة على إعلام (ائتلاف) دولة القانون (يتزعمه المالكي) تسيء للمراجع العظام، والحقيقة أنه لا وجود لأي صفحات متبناة من قبل المالكي أو دولة القانون تنشر مثل هذه الإساءات”.
وقال المالكي في تصريحات عقب إغلاق مقرات حزبه “نجدّد التأكيد على رفضنا واستنكارنا لكل من يحاول إثارة الفتن ويسيء للشهيد السيد محمد صادق الصدر ولكل المراجع الكرام وندعو الجميع وبالأخص الإخوة في التيار الصدري إلى الحذر من مخططات الأعداء ومحاولات خلط الأوراق".
ودعا المالكي الحكومة والجهات المعنية إلى القيام بواجباتهما “في حماية مقرات الأحزاب السياسية ومنع أي اعتداء من شأنه تعكير أجواء الاستقرار ومنع أي محاولات داخلية وخارجية للنفخ في نار الفتنة".
إلا أن التبرؤ من الهجمات ضد الصدر الأب، والصدر الابن، والاستعراضات المسلحة لميليشيات الإطار التنسيقي وظهور جماعات وهمية تدعمها هذه الميليشيات أقنعت التيار الصدري بأنه يتعرض لحملة تصفية تشترك فيها عدة جهات ويقودها المالكي.
وكان التوتر والمظاهر المسلحة قد عاودا الظهور في محافظة البصرة منذ مطلع الشهر الجاري. وتبادل مسؤولون من سرايا السلام ومن عصائب أهل الحق التهديدات بالمواجهة. وتعمد أنصار الصدر الثلاثاء الماضي تنظيم تظاهرة أمام منطقة القصور الرئاسية، التي تتخذها عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي مقرات لها، وطالبوها بإخلائها لتحويلها إلى متنفس للعائلات وأماكن سياحية.
كما استعرضت ميليشيا سرايا السلام قواها عندما ظهر المئات من أعضائها وهم يحملون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في جولة بين شوارع وأحياء المدينة.
وكان الصدر جمد نشاطات سرايا السلام عقب الاشتباكات التي وقعت عند مدخل المنطقة الخضراء في بغداد في أغسطس الماضي. إلا أن استعراضات القوة المضادة دفعت السرايا إلى الظهور مجددا كقوة مستعدة لخوض المواجهة. فكتب مسؤول “لواء البصرة” في السرايا علي البيضاني عبر تويتر “ندين ونستنكر استهداف المنازل الآمنة وترهيب العائلات والأطفال”، مبيّناً أنّ “سرايانا والمجاهدين على أتم الاستعداد للتعاون مع القوات الأمنية للسيطرة على الزمر الوقحة التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار في محافظتنا البصرة الغراء”. وأعلن “التأهب”، لأي فعل يوجهه “الطرف الآخر".
والمواجهات الراهنة ليست الأولى من نوعها؛ ففي سبتمبر الماضي قتل 5 أشخاص وجُرح 20 آخرون، بعد اشتباكات بين سرايا السلام وعصائب أهل الحق، استمرت 6 ساعات وسط مدينة البصرة واستخدمت فيها قذائف الهاون والأسلحة المتوسطة، ولم تهدأ المعركة إلا بعد تدخل رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي عبدالعزيز المحمداوي (أبوفدك)، وانسحاب مسلحي العصائب من شارع القصور وسط البصرة.
ويقول مراقبون إن المعركة قابلة للتطور، إلا أنها -بحدود استعراضات القوة- ربما تقنع الساعين إلى تصفية التيار الصدري بفكرة إعادة النظر في حساباتهم.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية