الصدر يصعد إلى الانتخابات المحلية على ظهر السويد
2023-07-01 21:56:53
عربية:Draw
وفرت حادثة حرق القرآن في السويد، على يد مهاجر سرياني عراقي كان يعمل لصالح إحدى الميليشيات الشيعية، فرصة للتيار الصدري للعودة إلى واجهة الأحداث، استعدادا للانتخابات المحلية التي ستجرى في 24 ديسمبر المقبل.
ويقول مراقبون إن الحادثة أعادت إحياء ما يعتقد الصدريون أنه “حراك شعبي” لتجميع القوى التي شتتها ابتعاد زعيم التيار مقتدى الصدر عن السياسة بعد قرار سحب نوابه من البرلمان في يونيو 2022 ليفتح الطريق أمام منافسيه في الإطار التنسيقي لتولي السلطة من دون عوائق.
وشكلت التظاهرات الغاضبة واقتحام مبنى السفارة السويدية في بغداد فرصة نادرة لاستعراض القوة ولحشد الأنصار تحت راية الدفاع عن القرآن الكريم، ولكن في الوقت نفسه، لأجل إعادة تنظيم قوى التيار استعدادا لخوض الانتخابات المحلية التي تتطلب مرشحين لاحتلال مقاعد في مجالس المحافظات، لاسيما وأنها بمثابة برلمانات محلية، وتمتلك سلطات مهمة في مراقبة أعمال الإدارات المحلية وإنفاق الأموال المخصصة للمحافظات والإشراف على تنفيذ المشاريع التي تتم فيها، فضلا عن إدارة السلطات الأمنية المحلية.
وتمزق التيار الصدري على المستوى الشعبي بعدما انفض عنه الكثير من مناصريه الذين اعتبروا أن الصدر خذلهم بتسليم السلطة على طبق من فضة لجماعات الإطار التنسيقي، وأدى هذا التمزق إلى انحياز الكثير من “الصدريين” السابقين إلى كتل التيارات الوطنية الأخرى مثل “قوى التغيير الديمقراطية”، لاعتقادهم أن الصدر “مترجرج” ولا يثبت على موقف ويمكن أن يعود فيخذلهم مرة أخرى.
إلا أن حادثة حرق القرآن، بكل ما أثارته من مشاعر النقمة، أتاحت للصدر أن يصعد منبر النفوذ السياسي على ظهر السويد، داعيا إلى تظاهرات غضب أدت إلى اقتحام مبنى السفارة السويدية في بغداد.
وعلى الرغم من أن صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، دعا أنصار التيار لعدم تكرار اقتحام السفارة السويدية ببغداد قائلا إن “رسالة الاقتحام العفوية وصلت، فلا داعي لتكراره”، إلا أنهم عادوا إلى التظاهر الجمعة أمام مبنى السفارة السويدية.
وكانت التظاهرة مناسبة لمشاركة عراقيين غاضبين وعناصر تابعة لتيارات وأحزاب سياسية ودينية أخرى، طالبوا بإغلاق السفارة السويدية في العراق وطرد السفير.
وتميزت التظاهرة الجديدة بالانضباط، بعد أن تولت قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية والأجهزة الأخرى نشر عناصرها حول السفارة السويدية “بهدف حماية المحتجين” حسب التصريحات الرسمية.
ولاحظ شهود عيان أن هناك تعاونا بين رجال الأمن والمحتجين، وأن بعض رجال الأمن يقدمون الماء للمحتجين. ما يشير إلى أن التيار الصدري يريد أن يُظهر التزامه بالضوابط الأمنية التي تقرها الحكومة.
وكان سلوان موميكا، مرتكب جريمة الحرق، وهو عراقي الأصل من مواليد بلدة الحمدانية في الموصل، مسؤولا عن “كتائب عيسى بن مريم” التابعة لـ”كتائب الإمام علي” وهي ميليشيا شيعية موالية لإيران يتزعمها شبل الزيدي.
وكان الصدر دعا إلى تسليم موميكا إلى العراق لمحاكمته، وهو ما دفع وزارة الخارجية العراقية إلى توجيه طلب إلى السلطات السويدية بتسليمه، رغم معرفتها المسبقة أن ذلك لن يتحقق، لأن مرتكب الجريمة يحمل جوازا سويديا.
ويقول مراقبون إن استعدادات التيار الصدري لخوض الانتخابات المحلية لقيت من خلال هذه التظاهرات دفعة قوية، ونجحت إلى حد ما في إظهار أن التيار ما يزال قوة سياسية تستطيع أن تعود لتمتلك “شارع الاحتجاجات” من جديد.
إلا أن الثقة بتماسك الصدر ما تزال هي نقطة الضعف الرئيسية، لأن خوض التيار الصدري للانتخابات لا يعني أن ممثلي التيار سوف يبقون في مناصبهم، الأمر الذي يعيد تكرار تجربة البرلمان المعلق بين مجموعة قوى لا تملك الأغلبية، وأدى انسحاب النواب الصدريين إلى أن يحل محلهم نواب تابعون لجماعات الإطار التنسيقي. وهو ما يمكن أن يتكرر في المجالس المحلية.وتذهب التقديرات إلى أن هذا السيناريو هو الأرجح إذا جاء “التيار الصدري” ثانيا أو ثالثا حيال القوى المنافسة الأخرى.
وفي الوقت نفسه، فإن “عودة الصدر” تشكل الآن حافزا لجماعات الإطار التنسيقي إلى تنحية خلافاتهم جانبا، لأجل دخول الانتخابات في كتلة واحدة، ما يوفر لهم فرصة أكبر لدفع التيار الصدري إلى الخلف، وتاليا لتحقيق السيناريو المتوقع بانسحاب ممثلي التيار ليكسبوا أغلبية كاسحة من جديد.
وحادثة حرق القرآن في السويد ليست هي الأولى، ففي 21 يناير الماضي أحرق زعيم حزب “الخط المتشدد” الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة. إلا أن ظروف الاستفادة منها هي التي اختلفت هذه المرة، ما دفع التيار الصدري إلى محاولة العودة إلى الساحة السياسية باستغلال مشاعر الغضب بين العراقيين، لاسيما وأن جماعات الإطار التنسيقي بدت منشغلة بما لديها من فرص وامتيازات ومشاريع، ما جعلها تترك الساحة للصدر ليعود إلى ممارسة الدور المألوف الذي يلعبه.
ومع الدعوة إلى المطالبة بتسليم موميكا و”سحب الجنسية العراقية منه والعمل على إرجاعه إلى العراق أو الحكم عليه غيابيًا”، كان الصدر هدد في بيان له بالقول “إن عادوا عدنا بأعظم من ذلك”. وذلك في إشارة إلى بقاء أنصار تياره متحفزين حتى موعد الانتخابات المقبلة.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية