كوردستان بدون "كورمور وخورملة"

2023-05-27 12:23:38

 تقرير: عربيةDraw

انتزعت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، حقلي (خورملة وكورمور) من حكومة إقليم كوردستان من خلال إضافة بند إلى مشروع قانون الموازنة. يساهم إنتاج هذين الحقلين بنسبة (40٪ )من إجمالي النفط المنتح في كوردستان، مايعني أنه من مجموع (400)ألف برميل نفط يوميا، يتم إنتاج نحو( 160) ألف برميل من هذين الحقلين. تعرض حقل ( كورمور) والذي يخضع حاليا لسلطة الاتحاد الوطني الكوردستاني  إلى القصف من قبل قوات الحشد الشعبي عدة مرات في حزيران من العام الماضي، وتحركت هذه القوات مرات عديدة لإخضاع هذا الحقل. ما لم يستطع الحشد فعله عسكريا، تمكنت اللجنة المالية القيام بها وذلك بإضافة فقرة في قانون الموازنة العامة. الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكوردستاني لديهما وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع، وتقول حكومة الإقليم أنها لن تسمح بتمريرهذه الفقرة في البرلمان. كيف سيكون شكل قطاع نفط الإقليم بدون حقلي (خورملة وكورمور)؟

قبل أن تصدر المحكمة حكمها، أصدرت الموازنة حكمها!

تمت المصادقة على تقريراللجنة المالية في البرلمان العراقي بشأن موازنة 2023، وتنص الفقرة (10) من المادة (14) من القانون الذي أقرته اللجنة المالية على ما يلي: "تلتزم الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بمنع استخراج النفط من حقول  (نينوى وكركوك) من قبل حكومة إقليم كوردستان في الوقت الحالي".هذا البند يعني أن  الإقليم لن يكون بمقدوره بعد الآن من استخراج النفط من حقلي( خورملة وكورمور)، لأن الحقلين تابعان لشركة نفط الشمال، إضافة إلى ذلك تنص الفقرة أيضا على تعليق عمل حكومة الإقليم في بعض حقول النفط التابعة لمحافظة نينوى، والتي يتم نقل النفط المنتج فيها بواسطة الصهاريج إلى كوردستان.وكانت شركة(نفط الشمال ) قد رفعت دعوى في المحكمة الاتحادية  ضد حكومة الإقليم، طالبت بإستعادة الحقلين. ووفقا لمعلومات  Drawفإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني غاضب جدا من هذا البند ويهدد بالانسحاب من الحكومة العراقية إذا تم تمريره في مجلس النواب، ما أهمية حقلي (خورملة وكورمور) بالنسبة لقطاع النفط بإقليم كوردستان ؟ ماهو تأثير الحقلين على عملية تصدير النفط في الإقليم؟.

خورملة.. شريان نفط الإقليم

يقع بلوك(خورملة)جنوب غرب أربيل، الحقل امتداد لحقول كركوك، تشرف  شركة( كاركروب) على إدارة الحقل في الوقت الحالي، و يخضع لسيطرة حكومة إقليم كوردستان منذ عام 2007. في منتصف أيار 2022، أصدرت شركة (نفط الشمال ) التابعة لوزارة النفط العراقية، بيانا قالت فيه إن حكومة إقليم كوردستان تتجاوز على الحقل. وفق بيانات وزارة الموارد الطبيعية  لعام 2022:

  •  تبلغ الإيرادات المتأتية من المبيعات النفطية لحكومة إقليم كوردستان من هذا الحقل نحو( 525 مليون) دولار شهريا في حين أن إجمالي إيرادات الإقليم النفطية الشهرية يبلغ نحو(مليار و260 مليون دولار)
  • يبلغ أنتاج الإقليم من النفط نحو( 421 ألف) برميل يوميا، في حين يتم إنتاج نحو(175 ألف برميل) في( خورملة ) وحدها، أي أن انتاج هذا الحقل يشكل نسبة (42%) من صادرات النفط وعائدات الإقليم النفطية. خسارة حقل (خورملة) ستسبب أضرارا كبيرة بإقتصاد الإقليم، لأن أنبوب نفط إقليم كوردستان الممتد إلى تركيا يبدأ من حقل خورملا، حيث أن 90 ألف برميل من النفط المنتج  في حقول كركوك يتم ضخه يوميا  إلى (خورملة) ويرسل من هناك إلى تركيا عبرأنبوب النفط الممتد إلى ميناء جيهان التركي. وتستوفي شركة (كار) مقابل ذلك أجور نقل النفط من الحكومة العراقية، حيث  تستوفي عن نقل البرميل الواحد( 10 دولارات)،وتصل الإيرادات الشهرية للشركة من هذه العملية نحو(27 مليون) دولار.
  • شركة (كار )هي أكبر شركة محلية تعمل في مجال الطاقة، ولدى الشركة عقد مع وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان، لتطوير وتنمية  القطاع النفطي في الإقليم، ومن المعروف أن شركة ( كار) لهاعلاقات قوية  وواسعة مع اصحاب النفوذ في منطقة نفوذ الحزب الديمقراطي الكوردستاني المعروفة بـ ( المنطقة الصفراء) ، لذلك خسارة حقل (خورملة) ستكبد الشركة خسائر مالية فادحة، مما يعني خسارة أحد أقوى الموارد الاقتصادية للحزب الديمقراطي الكوردستاني
  • كورمور..

يقع حقل(كورمور) غرب ناحية قادر كرم، الناحية كانت تابعة لقضاء( طوز خورماتو) حتى عام 1976، وكانت تتبع من الناحية الادارية محافظة كركوك، والحقت في العام نفسه بمحافظة صلاح الدين، وفي عام 1987 تم دمج الناحية إداريا بقضاء جمجمال.حتى عام 2003 وقبل انهيار نظام صدام، كانت ناحية (قادر كرم) تحت سيطرة الحكومة العراقية، بعد سقوط صدام خضعت الحقول النفطية في هذه المنطقة إلى حكومة إقليم كوردستان، وفي نيسان 2007، تعاقدت حكومة الإقليم مع كل من شركتي (داناغاز وكريسنت بتروليوم ) الإماراتيتين، عقدا لاستخراج النفط والغاز من بلوكي( كورمور وجمجمال) وفي عام 2015، تم إنتاج الغاز من الحقل،وتم نقل الانتاج عبر خط أنابيب إلى محطتي انتاج الطاقة الكهربائية في كل من جمجمال وأربيل.

 انتاج الحقل بالشكل التالي:

  • الغاز الطبيعي:( 452 )مليون قدم مكعب يوميا
  • يتم نقل( 22 )ألف برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي ( المكثفات)، إلى محطة خورملا لمزجه مع نفط إقليم كوردستان المنتج في الحقول الاخرى بهدف رفع جودته
  • انتاج الغاز الطبيعي المسال:( 1050 )طن، تقوم شركة (دانا غاز) ببيع هذا الغاز للشركات المحلية، مقابل ( 315) دولارا للطن الواحد، وتقوم شركة( ساوسكوردستان) بشراء هذا المنتح ونقله.

في السابق، كان الانتاج النفطي  في هذا الحقل من أقوى (أسلحة ) الاتحاد الوطني الكوردستاني أمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لأن( المكثفات) التي تنتج في هذا الحقل يخلط مع النفط المصدر منقبل إقليم كوردستان بهدف رفع جودته، مما يعني أنه بوقف إنتاج النفط في حقل (كورمور)، سيحرم الاتحاد الوطني من الورقة التي كان يضغط من خلالها على "البارتي".

حقل( كورمور)، من أكبر الحقول الغازية الموجودة في في إقليم كوردستان، يقوم الحقل بتزويد الشركات التي تقوم بأنتاج غاز الطبخ المعبأ في اسطوانات ويقوم أيضا بإمداد محطات انتاج الطاقة الكهربائية بالغاز.  

في فبراير 2022،وصل رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، إلى أنقرة  واجتمع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال أردوغان بعد الاجتماع للصحفيين:"تحدثت مع نيجيرفان بارزاني حول تصدير غاز إقليم كوردستان إلى تركيا".

كان خطاب أردوغان كافيا لوضع إقليم كوردستان  فيما بعد تحت  ضغوطات الحكومة المركزية في العراق وإيران، خاصة في تلك الأيام التي قال فيها مدير شركة داناغاز: "يمكننا سد احتياجات العراق وتركيا من الغازعبر الغاز المنتج  في حقول جمجمال".

وفي الشهر نفسه، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق وبشكل مفاجيء حكما بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كوردستان الصادر في عام 2007 وحكمت بأن على الإقليم تسليم النفط والغاز إلى الحكومة الاتحادية في بغداد بعد هذا القرار، تمادت الحكومة الاتحادية أكثر حتى تمكنت من حسم الدعوى المقامة في محكمة باريس ضد تركيا لصالحه،  بشأن عدم دستورية تصدير نفط الإقليم إلى الخارج عبر الاراضي التركية، هذه الامور أعطت زخما وقوة لمكانة بغداد واضعفت مكانة أربيل.

وفي اذار 2022، وبعد قرار المحكمة الاتحادية العليا، شنت إيران هجوما صاروخيا على منزل(شيخ باز) رئيس شركة( كار) النفطية في أربيل، على خلفية  قيام الشركة بتطوير ومد خط أنابيب الغاز إلى تركيا. ونقلت وكالة (رويترز) للأنباء عن مسؤولين عراقيين وأميركيين وأتراك، قولهم إنه دار في منزل( الشيخ باز)  مباحثات حول تصدير الغاز من إقليم كوردستان إلى تركيا وأوروبا، وشارك مسؤولون أميركيون وإسرائيليون في الاجتماع، الأمر الذي أغضب إيران، لأن إيران نفسها هي من تقوم بضخ صادرات الغاز إلى العراق وتركيا ولا تريد أن يحل إقليم كوردستان محلها في المنطقة.

ما لم يستطع "الحشد" فعله.. فعلتها الموازنة!

تعتبرالحكومة الاتحادية، حقل ( كورمور) وهو من  أكبر الحقول الغازية في إقليم كوردستان والذي يقع ضمن نفوذ الاتحاد الوطني الكوردستاني ، وحقل(خورملة) النفطي الذي يخضع لسلطة و نفوذ الحزب الديمقراطي الكوردستاني ملكا لها.

في حزيران 2022، تعرض حقل( كورمور) إلى استهدافات متكررة من قبل قوات الحشد الشعبي، التي كانت تتمركز على مسافات قريبة من محيط الحقل، وقامت هذه القوات بإطلاق صواريخ ( كاتيوشا) على الحقل.في تلك الأيام، عندما كانت الصواريخ  تنهمر على (كورمور) ، قام رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بزيارة ناحية( طويلة) على الحدود الايرانية والتقى هناك ببعض المسؤولين الإيرانيين في مزرعة أحد أعضاء الحزب وهو( جميل هورامي)، ولم تعرف لحد الان الاسباب الحقيقة خلف زيارة طالباني إلى طويلة، ولم يتم الكشف أيضا عن مضمون المباحثات السرية التي أجريت مع المسؤولين الايرانيين لحد هذه اللحظة. في أعقاب الهجمات على (كورمور)، استعدت قوات الحشد الشعبي للسيطرة على حقل (خورملة) بحجة أن الحقل يقع داخل حدود المناطق المتنازع عليها بين أربيل و بغداد، وتحدث أثنين من كبار القادة في الحشد بصراحة عن نيتهم للسيطرة على الحقل وهم كل من( هادي العامري وقيس الخزعلي)، وقالوا بأنهم قد أبلغوا مسؤولي الإقليم بذلك.

في 23 حزيران 2022، قامت مجموعات من الحشد الشعبي بالتحرك على محيط  حقل( خورملا) الذي يقع ضمن الحدود الادارية لقضاء (مخمور) التابع لمحافظة نينوى والذي يقع في نفس الوقت ضمن  المناطق المتنازع عليها، وعلى إثر ذلك أصدر رئيس حكومة إقليم مسرور بارزاني بيانا قال فيه: "لقد أصدرت تعليماتي لوزيري البيشمركة والداخلية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية البنية التحتية العامة ومنشآت النفط والغاز". لقد قررنا إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة. سنتخذ المزيد من الإجراءات في الأيام المقبلة".

وصل الوضع إلى درجة أنه في ليلة 23 حزيران، اتصل مسرور بارزاني، بـ(بريت ماكغورك) منسق البيت الابيض لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، وأبلغ مجلس الأمن ايضا بالاوضاع التي استجدت في المنطقة.

لو استطاع الحشد الشعبي في حينه من السيطرة حقل (خورملة)، كان سيوجه ضربة قاصمة لإقتصاد الإقليم، لان الحقل بمثابة( الشريان الابهر) لإقتصاد إقليم كوردستان، بالإضافة إلى ذلك فإن وجود تلك القوات في هذه المنطقة سيشكل تهديدا أمنيا لسلطة ونفوذ أربيل، لأن (خورملة) لاتبعد سوى "25 كيلومترا "فقط عن أربيل.

ما لم تستطع قوات الحشد الشعبي فعلها عسكريا، تمكنت اللجنة المالية في مجلس النواب من فعلها قانونيا، ومن دون إرسال قوات وذلك من خلال إضافة بند إلى اتفاق الإقليم والحكومة الاتحادية، والذي يلزم والإقليم بتسليم الحقول إلى بغداد.ولهذه الاسباب أصدرت حكومة إقليم كورستان بيانا و قالت فيه،" إن التغييرات التي أدخلها بعض أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي بمشروع قانون الموازنة العامة بتاريخ 2023/5/25 ضد إقليم كوردستان، هي تغييرات غير دستورية وتتنافى بوضوح مع الاتفاق الموقّع بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وكذلك تشكّل مخالفة لمبادئ اتفاق حكومة إدارة الدولة وتتناقض مع جوهر المنهاج الوزاري الذي صوّت عليه مجلس النواب.إننا في حكومة الإقليم، لن نقبل على الإطلاق، بهذا الظلم والانتهاك لحقوق شعب كوردستان، ولن نلتزم بأي قرار آخر خارج نطاق الاتفاق الذي وُقّع مع حكومة السيد محمد شياع السوداني.

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand