العراق: سباق لاستقطاب وجوه جديدة لانتخابات مجالس المحافظات

2023-04-21 12:26:36

عربية:Draw

بدأت الأحزاب العراقية سباقها المبكر لجذب الوجوه الجديدة إليها لتسويقها أمام العراقيين كمرشحين جدد في الانتخابات المحلية المقبلة (مجالس المحافظات)، المقررة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

ومع اختلاف أهداف هذه الأحزاب وتوجهاتها، تختلف أيضاً نوعية الوجوه التي تسعى إلى جذبها، مرة بالترغيب والوعود، ومرة عبر محاولات الإقناع الجادة، وفقاً للسياقات المشتركة بين الأحزاب وهؤلاء. وسبب هذا السعي تحسس القوى السياسية العراقية بالمجمل رغبة الشارع المتواصلة في اختيار وجوه جديدة غير تلك التي تصدّرت المشهد في السنوات الماضية.

وتعمل الأحزاب على تقديم الشخصيات الجديدة، وهي من مختلف الفئات القبلية والعشائرية والأكاديمية ومن الناشطين، ضمن قوائم انتخابية. ويحظى بعضها بدعمٍ مالي غير محدود، تحديداً من قبل الأحزاب التقليدية، التي تمسك بالسلطة منذ نحو عقدين. وفي سياقات أخرى تعتمد بعض الكيانات والأحزاب الجديدة على قوة المرشح بحد ذاته.

وفي مارس/ آذار الماضي، صوّت مجلس النواب على تحديد 6 نوفمبر موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات. وتشمل هذه الانتخابات 15 محافظة من أصل 18 محافظة، إذ إن هناك ثلاث محافظات ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.

وستكون هذه أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013 التي تصدّرت خلالها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج. وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009 فقط.

استقطاب المؤثرين للترشح

في السياق، قال عضو "الإطار التنسيقي" النائب في البرلمان محمد الصيهود إن "أبواب الأحزاب فُتحت أمام الراغبين بالترشح للانتخابات المحلية المقبلة، حتى قبل التصويت على شكل القانون الانتخابي وموعد إجراء الانتخابات، وهناك سعي دائم للأحزاب لتقوية تنظيماتها واستقطاب المؤثرين، سواء على مستوى ترشيحهم للانتخابات أو لجعلهم أعضاء فاعلين في هذه الأحزاب".

وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "نوعية المرشحين في الانتخابات المقبلة ستختلف بكل تأكيد عن المراحل السابقة، لأن الأحزاب عامة تريد أشخاصاً يحظون بنزاهة وكفاءة عالية".

أضاف الصيهود أنه في "الانتخابات السابقة اعتمدت الكثير من الأحزاب على شخصيات معروفة قادرة على تحقيق الفوز، من دون الاكتراث كثيراً إلى إمكانية هذه الشخصيات في تحقيق التغيير وتمكين جمهورهم وخدمتهم، ولذلك بات هناك عدم ثقة بالعملية الانتخابية، ناهيك عن كون بعض الشخصيات التي رشحت بالانتخابات استغنت عن جمهورها بعد الفوز مباشرة، فضلاً عن الاستئثار بالسلطة".

وأوضح الصيهود أن "هناك أحزاباً شيعية تحديداً، باتت تؤمن بأهمية حملة الشهادات من الأساتذة الجامعيين والأكاديميين، فيما توجد بعض الجهات التي تؤمن بأهمية وجود شخصيات ذات خلفية عشائرية أو أمنية وعسكرية".

من جهته، كشف النائب المستقل محمد عنوز أن "قانون الانتخابات الذي فرضه الواقع السياسي الجديد لا يمنح المستقلين فرصة للفوز من دون اللجوء إلى قائمة انتخابية لحزب واحد أو مجموعة أحزاب، بالتالي فإن هذا الأمر سيؤثر على نوعية المرشحين في الدوائر الانتخابية، من ناحية التوافق والاتفاق معها، في سبيل تحديد الأهداف السياسية والمصالح في حال فوز هذا المرشح".

وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "العقلية السياسية القديمة لبعض الأحزاب لا تزال تتسابق على ترشيح شيوخ العشائر ووجهاء القبائل، لأن هؤلاء أصواتهم مضمونة من أبناء العشيرة والقبيلة".

وأشار عنوز إلى أن "الناخب العراقي بلغ مرحلة جيدة من الوعي، بالتالي فإن نسبة المشاركين في الانتخابات باتت تعرف الوضع السياسي ومديات الاحتيال عليه، بالتالي فإن الناخبين سيدعمون الشخصيات التي تحمل من المعرفة والنزاهة الشيء الكثير".

وأوضح أن "التوجه نحو المدنية هو الذي سيسود خلال المرحلة المقبلة، في حال نجح المدنيون في الوصول إلى الجمهور ببرنامج انتخابي واضح، ومرشحين غير ملوثين بالسلطة في السابق، أو المال السياسي الذي قد يهدد فوز بعضهم".

تجربة مجالس المحافظات

وعلى الرغم من التوجه العام نحو اختيار أعضاء مجالس للمحافظات من الشخصيات المدنية والجيدة وذات الخبرة، إلا أن المشكلة في الكيانات المدنية والوطنية التي لم تتفق لغاية الآن على شكل الدخول في العملية السياسية، ناهيك عن الخلاف حول جدوى مجالس المحافظات أصلاً، لا سيما بعد تعليق رئيس كتلة "امتداد" في البرلمان العراقي علاء الركابي، وهو من أبرز الوجوه المدنية التي دفعتها احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019 نحو الظهور، بشأن رفض الانتخابات.

وقال في تصريح صحافي إن "الشعب العراقي بشكل عام ينظر إلى تجربة مجالس المحافظات على أنها تجربة فاشلة وكانت أحد أبواب الفساد ولم تنتج شيئاً".

كن عضو حزب "الوعد" زين الصافي أكد أن "كل الأحزاب تعرف أن الاعتماد على الطرق القديمة في اختيار المرشحين لم تعد نافعة، وخصوصاً أن الأحزاب الشيعية عادة ما تعتمد على ما يُعرف بالمجاهدين، وهم الذين قاتلوا إلى جانب إيران ضد الجيش العراقي في الحرب العراقية الإيرانية (1980 ـ 1988)، أما الأحزاب السنية فهي تعتمد عادة على الحزبيين ووجهاء المناطق، في حين أن الأحزاب الكردية تتعامل مع الترشيح بحصره في أعضاء الأحزاب واعتماد الولاء قبل الكفاءة في ذلك".

واستكمل الصافي حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول إن "الأحزاب جميعها تتوجه نحو النخب حالياً، لكن هذه النخب لا تنسجم مع طبيعة الأحزاب التقليدية، بل تسعى إلى التشبيك مع القوى المدنية الحقيقية، سواء من القوى التقليدية مثل الحزب الشيوعي والحركة المدنية الوطنية والتيار الديمقراطي، أو مع الأحزاب الناشئة والقوى السياسية الجديدة، التي تأسست بعد احتجاجات عام 2019".

واعتبر أن "الأحزاب الجديدة بدأت فعلياً بفتح أبواب الحوار مع الشخصيات المعروفة، ومنهم الأطباء والمهندسون والمحامون والصحافيون أيضاً".

بدوره، رأى رئيس مركز "التفكير السياسي" في بغداد إحسان الشمري أن "الناخب يقسم إلى قسمين، الأول يهتم بالانتماء المذهبي والهويات الفرعية، والثاني لا يهتم بهذه الصفات، بل يبحث عن الذي يخدمه ويقدم له الخدمات، وهذا القسم آخذ بالتوسع بشكلٍ سريع".

وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأحزاب التقليدية تعاني حالياً من عدم وجود المرشحين المقنعين للنزول والمشاركة في الانتخابات، بينما للأحزاب المدنية خيارات كثيرة، في حين هناك كفاءات تخشى من المشاركة بسبب اللعب السياسي الذي عادة ما يتخذ طرقاً مخادعة لا تنسجم مع بعض العقليات الهادفة إلى التغيير في البلاد".

وبحسب الدستور، فإن لمجالس المحافظات صلاحيات واسعة، بسبب عدم خضوعها لسيطرة أو إشراف أي وزارة أو أي جهة غير مرتبطة بوزارة، وتتمتع بصندوق مالي مستقل، وبصلاحيات إدارية واسعة.

 المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand