تمدّد «قسد» و«الكردستاني» يحرج أربيل أمام أنقرة: ماذا بعد قصف مطار السليمانية؟
2023-04-16 09:47:33
عربية:Draw
فتح «التمدّد» الجديد لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» ومسلحي حزب العمال الكردستاني «بي كي كي» في محافظة السليمانية، ضمن إقليم كردستان العراق، صفحة جديدة من الخلافات بين حكومة الإقليم التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، ففيما تؤكد الحكومة الكردية جهلها بما يجري في السليمانية، تواصل أنقرة حظرها الجوي على مطار المدينة، وسط مخاوف من تداعيات سياسية وأمنية خطيرة قد يشهدها شمال العراق الآمن نسبياً.
القصّة بدأت في منتصف آذار/مارس الماضي، عند الإعلان عن مقتل 9 من قوات «قسد» و«الكردستاني» أثناء سقوط مروحية كانت تقلهم لإقليم كردستان العراق، ما كشف عن معلومات جديدة توثّق تورط «الاتحاد» بدعم جهات تتهمها أنقرة بـ«الإرهاب".
وما أن تلقت تركيا تلك الأنباء، حتى بدأت التخطيط لاستهداف معارضيها النشطين في السليمانية، وحدث ذلك بالفعل عندما استهدفت طائرة مسيرة تركية (في 7 نيسان/أبريل الجاري) اجتماعاً لقوات «قسد» بحضور قائدها مظلوم عبدي، ضمن حدود مطار السليمانية الدولي، غير أن الأخير نجى من الحادث الذي لم يُسفر عن أيّة إصابات.
وقبل وقوع الحادث، قررت وزارة الخارجية التركية إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات التي تستخدم مطار السليمانية الدولي للهبوط والإقلاع اعتباراً من (3 نيسان/ أبريل 2023).
في الأثناء، كشف وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، سبب إغلاق تركيا لمجالها الجوي أمام رحلات الطيران من وإلى مدينة السليمانية.
رئيس الدبلوماسية التركية تحدث في تصريحات تلفزيونية لقناة محلّية تركية، أول أمس، إن «تنظيم «بي كي كي الإرهابي يتمتع بنفوذ كبير في السليمانية لدرجة أن المدينة باتت شبه خاضعة لسيطرته، كما يستخدم التنظيم مطار المدينة في تنقلاته».
وأكد، أن «الولايات المتحدة تسيطر على المجال الجوي في المنطقة (شمالي العراق وسوريا) وهي على علم بكل شيء، ومنخرطة مع تنظيم (بي كي كي/ واي بي جي) الإرهابي».
وأوضح أن «تركيا قررت إغلاق مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية في ظل الوضع الراهن، لكن إذا اتخذوا خطوات ملموسة في مكافحة التنظيم، وتمكنوا من إقناعنا بأن المطار آمن، عندها سنقوم بإعادة تقييم قرارنا».
ودعا تشاوش أوغلو، العراق «لإعلان تنظيم (بي كي كي) منظمة إرهابية، والعمل على مكافحته».
وفي الأسبوع الماضي، أكد الوزير التركي أن بلاده ستواصل عملياتها في السليمانية التي باتت «خاضعة تماما لحزب العمال الكردستاني» وذلك في أول تعليق رسمي على القصف الذي وقع بطائرة مسيرة على مطار السليمانية في شمال العراق.
وقال جاويش أوغلو، إن «حزب طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) تلقى مروحيات من دول غربية بينها فرنسا ومنحها لـ(عناصر العمال الكردستاني) حسب ما تلقينا من معلومات».
وأضاف، أن «أجواء شمال العراق تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة، لذلك فإنها على علم بهذه الرحلات الجوية» مبيناً أن «تركيا لطالما قالت إن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تدعم بكل الأشكال حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، (أكبر مكونات قسد) التي تعتبرها تركيا امتدادا للعمال الكردستاني في سوريا".
وأشار الوزير التركي إلى أن «الرئيس رجب طيب اردوغان أثبت في أثناء اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن (على هامش قمة مجموعة العشرين في روما عام 2021) ذلك بالأدلة والبراهين» منوهاً بأن «حزب العمال الكردستاني بات يهيمن على السليمانية وتحديداً على حزب طالباني، فضلاً عن تغلغله في النقاط الاستراتيجية والمطارات».
وذكر أوغلو في تصريحاته أيضاً أن «هناك أربيل والسليمانية داخل حكومة إقليم كردستان. هناك صراعات خطيرة للغاية فيما بينهم وهناك أيضا توترات خطيرة، نحن بالطبع لن نتدخل في شؤونهم الداخلية، لكن التوتر سيكون له تأثير سلبي على الجميع. حزب طالباني يشتري هذه المروحيات من فرنسا ويمنحها لحزب العمال الكردستاني، والولايات المتحدة على علم بذلك».
وفي مقابل الموقف التركي، كشف الاتحاد الوطني الكردستاني، عن إبلاغ تركيا من قبل الولايات المتحدة بزيارة وفد رفيع من قوات «سوريا الديمقراطية» والجيش الأمريكي، إلى السليمانية.
وقال رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب، هريم كمال اغا، وهو أيضًا عضو في قيادة الحزب، إن «قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ولدواع أمنية كانت أبلغت تركيا مسبقًا بزيارة وفد رفيع المستوى من قوات سوريا الديمقراطية والجيش الأمريكي إلى السليمانية».
وأضاف في تصريحات لـ«صوت أمريكا» نهاية الأسبوع الماضي، أن «التحالف أبلغ تركيا والعراق عن لقاء بين مسؤولي قوات سوريا ومسؤولين أمريكيين والاتحاد الوطني الكردستاني عندما وصل الوفد وخرج من السليمانية». وتفيد تقارير صحافية بأن اجتماعاً عُقد بين وفد من الاتحاد الوطني الكردستاني، في بغداد، مع نائب رئيس الاستخبارات التركية «ميت» موتلو توكا، في حين زار نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، القيادي في «الاتحاد» قوباد طالباني تركيا للاجتماع مع رئيس الجهاز، هاكان فيدان، من دون الافصاح عن نتائج الاجتماعين.
وعلى مستوى موقف الحكومة الكردية في الإقليم، فقد شكّلت لجنة للتحقيق في الأحداث التي شهدها مطار السليمانية، فيما نأت بنفسها عن التحركات التي تجري في معقل حزب «الاتحاد».
وناقش مجلس الوزراء في الإقليم، بآخر جلساته الاعتيادية الأسبوع الماضي، «حماية المواطنين والمؤسسات الحكومية والنأي بإقليم كردستان عن المشاكل التي تشهدها المنطقة والمشاكل الخارجية، وتجنب زجّها في الشأن الداخلي",
وعبّر رئيس الحكومة الكردية، مسرور بارزاني، عن قلق «حكومة إقليم كردستان إزاء الأحداث التي شهدها مطار السليمانية الدولي» مشدداً على أن «حكومة الإقليم تدين الهجوم على مطار السليمانية وأي جزء من إقليم كردستان.»
كما أوضح أن «حكومة إقليم كردستان غير مطلعة على المعلومات بشأن تلك التحركات والأعمال التي تجري في مطار السليمانية، وهي أنشطة تخالف القوانين السارية لدى حكومة الإقليم التي لا بد من اطلاعها على تلك المعلومات بشأن تلك الأعمال والتحركات في المطار».
وأكد بارزاني تعاطفه مع «مواطني محافظة السليمانية وضرورة عدم دفع المواطنين هناك ثمن هذه الأعمال».
وبعد المناقشات، قرر مجلس الوزراء «تشكيل لجنة للمتابعة وتقصي الحقائق بشأن الأحداث التي شهدها مطار السليمانية، وذلك للتحقيق في أسباب تعليق الرحلات الجوية إليه، والهجوم الذي وقع بالقرب منه لاحقاً».
في السياق أيضاً، يرى ضياء الوكيل، مستشار حكومي سابق، إن «تمدد نشاطات قسد خارج الجغرافية السورية باتجاه عمق الأراضي العراقية ينذر بتداعيات أمنية وسياسية خطيرة قد تتسبب باضطرابات وصراعات تزيد من حالة التوتر والاحتقان في العراق والمنطقة» حسب بيان مطوّل.
المصدر: القدس العربي