العراق :خطّة حكومية بستّة مليارات دولار لمعالجة التغيّر المناخي
2023-03-12 11:51:12
عربية:Draw
في الوقت الذي تخطط فيه الحكومة العراقية تخصيص 6 مليارات دولار في موازنة العام الحالي لمعالجة التغيّر المناخي وآثاره في البلاد التي تشهد موجة جفاف حادّة تُنّذر بصيفٍ قاسٍ، تشير مصادر حكومية إلى فقدان البلاد نحو 70 في المئة من مياهه في هذا الموسم، نتيجة الانخفاض الملحوظ في الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، من دول الجوار.
ويعدّ العراق واحداً من بين خمّسة بلدان على مستوى العالم، الأكثر تضرراً بفعل التغير المناخي، وفقاً للأمم المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، يرى مسؤول عراقي سابق، إن البلاد توشك أن تصبح «أرضاً بلا أنهار» في حدود عام 2040 متنبّئاً بـ«جفاف نهري دجلة والفرات» التاريخيين.
وطبقاً لبيان الوزير الأسبق، ورئيس حركة «انجاز» باقر الزبيدي، فإن العديد من الشكاوى التي ترده من سكان جنوب العراق تتحدث عن «الجفاف الذي ضرب مناطقهم، وفي نفس الوقت رصدنا مشاهد صادمة تُظهر جفاف مساحات شاسعة من نهري دجلة والفرات حتى بات القاع ظاهراً ويُرى بالعين المجردة في محافظتي ذي قار وميسان.
وحسب التصريحات الرسمية لوزارة الموارد المائية فإن العراق «خسر نحو 70 في المئة من حصته المائية» وإن «الإيرادات الحالية التي تأتي من دول الجوار لم تتجاوز 30 في المئة» ويعود السبب في ذلك حسب الزبيدي إلى «عدم التزام دول المنبع بسياسة الاستحقاق العادل بين الدول المتشاطئة».
وبيّن إن «معدل استهلاك المياه للعراق يبلغ نحو 53 مليار متر مكعب سنوياً، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب، ونقص واحد مليار متر مكعب من الحصة المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج».
وأكد أن «العراق من بين دول العالم الخمس الأكثر عرضة للتصحر والتغير المناخي، وبحسب مؤشر (الإجهاد المائي) سيصبح العراق أرضاً بلا أنهار في حدود العام 2040 بعدا أن يجف نهرا دجلة والفرات».
ورأى أن «أزمة المياه وجودية، والتاريخ يخبرنا أن حضارات كاملة زالت بسبب عدم توفر المياه، ما يعني أننا قد نشهد أكبر موجة نزوح سكانية في البلاد».
وحمّل الزبيدي الحكومات المتعاقبة «مسؤولية ما جرى ويجري في ملف المياه، بسبب ضعف المفاوض العراقي، ما جعل دول المنبع تستمر في إجراءاتها التعسفية ضد العراق» حاثّاً على أهمية «الإسراع بتشكيل خلية أزمة تأخذ على عاتقها وضع حلول حقيقية وتنفيذها بدقة من خلال تبطين القنوات المائية لتقليل الهدر ورفع التجاوزات وإقامة السدود الصغيرة لخزن المياه، والاعتماد على المياه الجوفية والآبار».
ومضى يقول: «من ثم تبدأ المرحلة الثانية بحفر قناة من شط العرب باتجاه بحر النجف، الذي ينخفض بنسبة كبيرة عن البصرة، وهو ما يسمح بتدفق المياه بشكل عكسي باتجاه بحر النجف، حيث ستشكل هذه القناة رافداً وخزان مياه لبحر النجف في حال انخفاض منسوب المياه فيها، وخزان عملاق في حال انطلاق مشروع تحلية المياه، كما أن هذه القناة ممكن استغلالها كمرفق سياحي وكبحيرات صناعية لتربية الأسماك».
وتوصّلت المفاوضات العراقية ـ التركية، المتعلقة بملف المياه، إلى موافقة الأخيرة على إطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات بمقدار 900 متر مكعب/ ثانية، ولمدّة شهر واحد. وحسب تصريح لمواقع إخبارية محلّية، يرى المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية، خالد شمال، أن «الوفد العراقي ذهب الى تركيا برئاسة وزير الدفاع ممثلا عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من اجل بحث عدة ملفات كان أهمها ملف اطلاق حصص العراق المائية، حيث تم الاتفاق تم بزيادة الاطلاقات المائية للنهرين ووصلت زيادة مياه نهر الفرات لـ 500 متر مكعب بالثانية، بينما وصلت زيادة مياه نهر دجلة لـ 400 متر مكعب بالثانية، وسيكون هذا الاتفاق لمدة شهرا فقط» مبينا ان «سبب عدم التزام تركيا في اطلاق حصص العراق المائية هو عدم وجود اتفاقية او قانون ينظم حصول العراق على حصصه المائية».
وتتهم بغداد مرارا جارتيها تركيا وإيران بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها، لا سيما بسبب بنائهما لسدود على النهرين.
وأوضحت وزارة الموارد المائية العراقية في بيان سابق، أن «الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية» عائد إلى «قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا».
وقالت إن ذلك أدى إلى «انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد».
وسبق أن نشرت «فرانس برس» تقريرا الشهر الماضي، يفيد بتسجيل تراجع في منسوب نهري دجلة والفرات في جنوب العراق، في انعكاس للنقص الشديد في المياه وسياسات التقنين من السلطات التي تعهدت باتخاذ إجراءات من أجل معالجة الأزمة.
وفي مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار في جنوب العراق، وثّق مصور الوكالة «رؤية قاع نهر الفرات ظاهرا» عند الضفاف ودعامات الجسور العابرة للنهر.
ونتيجة لانقطاع المياه عن المنازل لمدة 10 أيام، خرجت تظاهرات في قضاء ذي قار، وتم قطع الطريق الرابط بين ميسان وذي قار بالإطارات المحترقة، فيما هدد أهالي القضاء بتصعيد احتجاجهم، الأسبوع الماضي. وتأتي الاحتجاجات بعد أيام من إعلان الحكومة اطلاق المياه في نهر العطاء، لكنها «غير صالحة» للاستهلاك البشري والحيواني بسبب ملوحتها، حسب قول المحتجين.
حذر احمد ناظم، قائم مقام قضاء الإصلاح، من كارثة اقتصادية وإنسانية كبيرة بسبب أزمة شح المياه التي تضرب مناطق واسعة من جنوب العراق.
وأضاف لموقع «جمّار» أن «60 ألف نسمة أغلبهم من المزارعين بدأوا بالهجرة لمدن أخرى بسبب أزمة شح المياه الآخذة بالتزايد حالياً مع خطر فشل الموسم الزراعي الحالي».
وفي إجراء حكومي جديد، تحدث علي اللامي، مستشار رئيس الوزراء لشؤون البيئة والمناخ، الجمعة الماضية، عن تخصيص 30 مشروعاً يخص التغيّر المناخي، في موازنة 2023 المزمع تشريعها.
ووفقاً للامي فإن «رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خصص بندا في الموازنة للبيئة والمناخ لاول مرة في تاريخ العراق، اذ أن تخصيصات التغير المناخي في الموازنة بلغت 6 مليارات دولار».
وأضاف، أن «هناك هدرا كبيرا للمياه في العراق، والجفاف ينعكس سلبا على مختلف المستويات».
يأتي ذلك في وقت من المقرر أن يشهد العراق، اليوم الاحد، انعقاد مؤتمر وطني للمناخ، بحضور المنظمات الدولية والدول المانحة، فيما تخطط الحكومة الاتحادية لإقامة «مؤتمر إقليمي» في الخريف المقبل للغرض ذاته.