السيناريوهات المتوقعة مع استمرار الخلاف الكردي على تحديد رئيس للعراق
2022-10-07 19:52:48
عربيةDraw :
صلاح حسن بابان
منذ إعلان نتائج الانتخابات العامة العراقية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ اشتددت الخلافات داخل البيت الكردي حول المرشح لمنصب رئيس العراق، وذلك بعد رفض الديمقراطي الكردستاني مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يُسيطر على المنصب مدة 4 دورات متتالية، وفقا لتوافقات سياسية كردية داخلية.
أوصلت ارتدادات عدم التوافق على مرشح لمنصب رئيس الجمهورية، البيت الكردي إلى وضع محرج بعد أن سبقه البيت الشيعي إلى استكمال الاستعدادات لعقد جلسة برلمانية خلال الأيام المقبلة من قبل الإطار التنسيقي، والتي يجب أن يحضرها ما لا يقل عن 220 نائبا من إجمالي عدد نواب البرلمان البالغ 329 في جلسة التصويت لاختيار مرشح للمنصب.
وستشهد الجلسة ذاتها تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا من قبل رئيس الجمهورية المُنتخب لتشكيل الحكومة الجديدة وبات الأخير شبه محسوب داخل الأو ومنذ إعلان نتائج انتخابات الدورة البرلمانية الخامسة التي أجريت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي اشتدّدت الخلافات داخل البيت الكردي وتحديدا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بعد رفض الأول مرشح الثاني، الذي يُسيطر على المنصب المذكور مدة 4 دورات متتالية وفقا لتوافقات سياسية كردية داخلية بأن يتسلم الديمقراطي رئاسة الإقليم في كردستان مقابل رئاسة الجمهورية للاتحاد في بغداد.
وعلى إثر ذلك، تُطرح عدّة سيناريوهات إزاء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، من بينها عودة سيناريو عام 2018 عندما دخل الحزبين بمرشحين مختلفين إلى البرلمان وتُرك الأمر حينها للمجلس لحسم الموضوع. لكنّ السيناريو الأقوى هو أن يتفقا على مرشح واحد ويدخلان به الجلسة كما حصل في الدورات الثلاث الأولى وهو ما يتوقعه الإطار التنسيقي أيضا.
ورغم أن الاتحاد الوطني الكردستاني أعلن بشكل رسمي أن مرشحه للمنصب المذكور هو الرئيس الحالي برهم صالح، لكن هناك مرشح آخر محسوب على الاتحاد أيضا وهو مستشار رئيس الجمهورية ووزير الموارد الأسبق الدكتور عبد اللطيف رشيد. في حين يحتفظ الديمقراطي الكردستاني بمرشح واحد وهو ريبر أحمد وزير الداخلية الحالي في حكومة إقليم كردستان.ساط السياسية لمرشح الإطار محمد شياع السوداني.
عناد البارزاني ورفض الوطني
يعلّق المحلل السياسي والأكاديمي الكردي عدالت عبد الله على احتمالية تكرار سيناريو 2018 ودخول الحزبين الكرديين بمرشحين مختلفين، بأن هذا السيناريو يتوقف على تعثر المباحثات بين الطرفين بهذا الشأن واستمرار سياسة العناد وفرض الإرادة دون أي اهتمام بالتفاوض.
ويرى فيه السيناريو الطاغي على المشهد والاتجاه الرسمي لدى الطرفين، خصوصا مع وجود إصرار كبير من قبل زعيم الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني على أن يكون هذا المنصب لصالح حزبه هذه المرة، وهذا ما يرفضه حتى اليوم الاتحاد الوطني.
ومع ذلك لا ينفي عبد الله وجود ضغوط خارجية وداخلية في العراق قد تسهم في عدم مقاطعة التفاوض بين الاتحاد والديمقراطي. ولكن الأهم من هذا – وفق وجهة نظره- هو الوصول إلى قاسم مشترك، مؤكدا للجزيرة نت أن الخروج بمرشح واحد ليس بأمر مستحيل ولكنه مرهون بتفاهمات ثنائية على ملفات أخرى خلافية بين الطرفين.
وبعد انتهاء التحالف الثلاثي "إنقاذ وطن" بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والبارزاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان، نجح الإطار التنسيقي من استغلال هذا الأمر وتشكيل تحالف "إدارة الدولة" الذي يضم جميع القوى الشيعية -عدا الصدر- والأطراف الكردية والسنية.
موقف الإطار والصراع الكردي
سياسيا، يعني ذلك أن الكرة أصبحت هذه المرّة في ملعب الإطار الذي بإمكانه حسم التصويت على مرشح رئيس الجمهورية في الجلسة المقبلة. ويتزامن ذلك في الوقت نفسه مع انضمام الحزبين الكرديين في التحالف الجديد، إلا أنه واقعيا يبدو أنه -أي الإطار- أقرب إلى مرشح الاتحاد الوطني كما يقول العضو البارز في ائتلاف دولة القانون وائل الركابي الذي يؤكد أن الأعراف السياسية المعتاد عليها منذ عام 2003 هي أن يكون منصب رئيس الجمهورية للكرد وتحديدا للاتحاد الوطني.
وعن موقف الديمقراطي في حال صوّت الإطار التنسيقي لمرشح الاتحاد داخل البرلمان وما احتمالية أن يدخل في أزمة سياسية معه قد تُعرقل تشكيل الحكومة الجديدة التي يسعى إليها مرشحه السوداني، يقول الركابي للجزيرة نت إن حزب البارزاني يعرف مسبقا أن موقف الإطار يميل إلى مرشح الاتحاد إلا أن البارزاني يستحيل -وفق الركابي- أن يعيد سيناريو 2018.
واستحالة تكرار سيناريو 2018 تدفع الركابي إلى التفاؤل باحتمالية أن يتفق الكرد على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، مع إمكانية أن يكون هذا المرشح غير برهم صالح وريبر أحمد.
ومثل الركابي، يقرّ عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم بأنه ليس ببعيد أن يكون هناك مرشح واحد متفق عليه بين حزبه والاتحاد الوطني والدلائل الموجودة تؤكد ذلك، وليس شرطا أن يكون هذا المرشح برهم صالح أو ريبر أحمد بل ممكن أن يكون شخص آخر.
ويكشف عبد الكريم للجزيرة نت عن ترقب زيارة وفد رفيع المستوى من الإطار التنسيقي إلى أربيل خلال الأيام المقبلة ليتبين على إثرها الرؤى النهائية حول انعقاد الجلسة مع وجود توافقات وحوارات وتفاهمات وصلت إلى مراحل نهائية ستُحل على إثرها عقدة رئيس الجمهورية، مؤكدا أن الأفضل للكرد أن يدخلوا البرلمان بمرشح واحد.
انتحار سياسي
وبالانتقال إلى الاتحاد الوطني الكردستاني فإنه بات يُعزّز أكثر من احتمالية فوز مرشحه أمام غريمه مرشح الديمقراطي بالاستناد إلى توافقاته مع الإطار التنسيقي.
هذا التعزيز يستبعد تنازل الاتحاد عن مرشحه برهم صالح، لكن إذا حصل وتنازل عنه للديمقراطي فسيكون ذلك أشبه ما يكون بـ"الانتحار السياسي" وفق وصف القيادي فيه غياث السورجي.
لكنّ السورجي يعود ويؤكد للجزيرة نت استحالة أن يوافق حزبه على ما يُسميه "فرض إرادة" من الديمقراطي الكردستاني سواء فيما يتعلق بالمنصب أو التنازل عن مرشحه.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة، هنا يُخالف السورجي كل من الركابي وعبد الكريم ويتوقع أن يتكرّر سيناريو عام 2018 ويدخل كل حزب بمرشحه إلى قبّة البرلمان لتكون الأخيرة هي الفيصل في اختيار أحد المرشحين.
إحراج للإطار
أمّا المحلل السياسي الدكتور إياد العنبر فيقول إن الإطار التنسيقي يعمل حتى الآن على ضرورة الاتفاق داخل البيت الكردي على مرشح واحد حتى يكون هناك نوع من الاتفاق لتمريره داخل البرلمان بعيدا عن الدخول بمرشحين.
ويرى العنبر في تعليق منه عن احتمالية تكرار سيناريو عام 2018 أن هذا الأمر سيكون فيه الكثير من المحاذير بالنسبة للإطار وستكون نقطة إحراج مع الاتحاد من جانب لكونه كان حليفا له منذ البداية، ولا يستطيع أن يفك هذه الشراكة لأنه سيكون أمام تحدي وعدم الثقة من شركائه الآخرين.وكذا الحال من جانب آخر مع الديمقراطي الكردستاني، فلا يريد الإطار أن يخسر البارزاني وإنما يعمل على مشاركته في الحكومة الجديدة -وفق حديث العنبر للجزيرة نت- لا سيما بعد توقيعه على اتفاق تحالف "إدارة الدولة"، ويعني ذلك ضرورة أن يُحسم الأمر داخل أروقة الكتل الكردية.
من جانبه يُحذر الباحث في الشأن السياسي علي البيدر من الذهاب بمرشحين مختلفين إلى البرلمان وقد يؤدي إلى أزمة سياسية داخل البيت الكردي ويُربك المشهد السياسي العام ليصار إلى تعقيد تشكيل الحكومة.
ويتفق أيضا مع ما ذهب إليه الركابي بأن الإطار التنسيقي هو الذي سيحسم الأمر وسيصوت لمرشح الاتحاد الوطني لكونه دخل معه في تحالف موحد. ويؤكد في حديثه للجزيرة نت أن الدخول بمرشح واحد يصبّ في مصلحة الأحزاب العراقية أيضا وليس الكردية فقط.
المصدر: الجزيرة