فورين بوليسي: مقتدى الصدر يريد أن يصبح خميني العراق.. وهذه الدلائل
2022-08-09 12:39:47
عربية Draw
مجلة فورين بوليسي الأمريكية، تقول في تقريرٍ لها إنه رغم جهود مقتدى الصدر الواضحة للظهور بمظهر من يتصدى للنفوذ الإيراني في العراق “فمصدر إلهامه الرئيسي ربما يكون مؤسس إيران والمرشد الأعلى الأشهر آية الله الخميني”، مشيرةً إلى أن سياسة الصدر الاستراتيجية التي يمزج فيها بين القومية العراقية ومعاداة الغرب والإسلام الشيعي “مستمدة مباشرة من نهج الخميني”.
نهج مقتدى الصدر في العراق
ويضيف التقرير: “مثلما فعل الخميني في إيران، اعتمد الصدر ووالده من قبله في بناء قاعدة مؤيديهما على شعبيتهما بين شيعة العراق المستضعفين (وهي الكلمة التي استخدمها الخميني وغيره لوصف الإيرانيين الذين أهملهم النظام الملكي، والذين باسمهم قامت الثورة الإيرانية).
وصاغ الصدر سياساته “بذكاء حول المشاعر المتنامية في العراق والشرق الأوسط ككل، حيث ترفض الغالبية العظمى من الناس أيديولوجية الحركات الدينية المسيسة، وتفضل الحكومات البراغماتية التي يمكنها توفير مزيد من فرص العمل للشباب، وإصلاح المؤسسات الدينية، وتعزيز الخدمات العامة".
والصدر يعي جيداً تاريخ الشرق الأوسط الحديث وقوة الاحتجاجات الشعبية في إطاحة الأنظمة، مثل الثورة الإيرانية التي قامت عام 1979 “لكن الصدر، مثل الخميني قبله، رغم جهوده لاغتنام الفرصة، مقيد بصورته؛ تاريخ عائلته وخلفيته الدينية وشكل معين من السياسات الإسلامية الشيعية”، بحَسب التقرير الأمريكي.
تطور خطاب مقتدى الصدر
تقول فورين بوليسي إن خطاب الصدر تطور بدرجة مماثلة على مر السنين “فقد رسم مشاعر معاداة الولايات المتحدة عقب غزو عام 2003، وحافظ على الخطاب القوي المناهض للإمبريالية ولإسرائيل على مدار العقدين الماضيين، لكنه أيضاً عدّل أيديولوجيته وتركيزه على التغيير مع الزمن، وتحول من الطائفية الشيعية الصريحة في السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي إلى القومية العراقية في السنوات الأخيرة.وصعّد خطابه المناهض لإيران بالتزامن مع تنامي المشاعر المعادية لإيران داخل البلاد، وحين نزل العراقيون إلى الشوارع للتنديد بضربات صاروخية اتهمت بغداد بها تركيا في 20 يوليو/تموز، دعا الصدر أنصاره إلى النزول إلى الشوارع ومحاربة تركيا”.ولطالما شغل الصدريون وأتباعهم مناصب رئيسية في الحكومات التي أعقبت غزو 2003 للعراق، ولكن برفض الصدر المساهمة بدور مباشر في الحكومة، تمكّن من تأكيد عدم مسؤوليته عن تناقضات الحكومة وأخطائها.وسعى، بحَسب المجلة “عوضاً عن ذلك، لتعزيز صورة رجل الشعب، والحفاظ على دور المراقب من الخارج جزء من هدفه الأكبر”.
وفقاً للتقرير، فإن أحداث الأيام الماضية ألقت بعملية تشكيل الحكومة العراقية في فوضى عارمة، فبعد أن اقتحم أنصار الصدر مجلس النواب والمنطقة الخضراء بعد دعوته للثورة تصاعدت التوترات، وهدد معارضو الصدر بشن “ثورة مضادة”.
ويتابع “يشعر كثير من العراقيين أنهم على شفا حرب أهلية. والآن، يدعو الصدر إلى انتخابات جديدة فيما يواصل أنصاره التجمع داخل البرلمان وحوله، وهذا يطيل فترة انعدام الاستقرار السياسي في البلاد، ولكن هذا هو تحديداً هدف الصدر الأكبر: إثارة البلاد واختطاف المشاعر الشعبية، ليصبح الرجل الأقوى في العراق”.
هل يعارض الصدر إيران؟
المجلة الأمريكية ترى أن الصدر يقف في مواجهة إيران “خطابياً”؛ لأن ذلك يتوافق مع المزاج الشعبي، لكن الصدر في الواقع قريب منها مثل أي شخص آخر.
"إذ يدرك الصدر أن إيران لا تزال طرفاً خارجياً قوياً في العراق، إن لم تكن الأقوى، وعلاقته بها ليست متوترة كما يود الناس أن يظنوا، فلا يزال لإيران تأثير على الصدر، والصدر أكثر حكمة من أن يقطع علاقته بها تماماً”، وفقاً للتقرير الأمريكي.
فعام 2019، احتفل الصدر بيوم عاشوراء بزيارة المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، في طهران، وبعد بضعة أشهر، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، خلال ذروة احتجاجات أكتوبر/تشرين، شوهد الصدر في مدينة قم، المدينة التي درس بها والعاصمة الدينية لإيران.
وفي فبراير/شباط من هذا العام، عقب اجتماع الصدر مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي العميد إسماعيل قاآني، خرج ببيان عن تشكيل الحكومة العراقية وردد مقولة الخميني: “حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية”.والصدر ليس معادياً لإيران؛ بل جل ما يريده أن يكون الشخصية الأساسية التي يتعامل معها "الإيرانيون والجميع".
بديل لزعيم العراق
بحسب فورين بوليسي، فإن الصدر “يُصغي إلى الشارع، وهذا مكّنه من الفوز بدعمه إلى حد ما، ولكن هذا الجمهور قد يتغير بسرعة أكبر من أن يستطيع التكيف معها؛ فالمشاركون في احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول في العراق طالبوا بمستقبل مختلف تماماً للعراق، مستقبل تقدمي وديمقراطي.ورغم النجاحات التي حققها الصدر في الانتخابات، شهدت الانتخابات الأخيرة في العراق تراجعاً كبيراً في نسبة الإقبال، ويبدو أن نجاحات الصدر ترجع إلى قدرته على التنظيم والتعبئة أكثر من شعبيته".
ولكن مثلما لم تنجح ثورة الخميني في كسب التأييد في إيران اليوم، فمشروع الصدر في العراق لن يفعل الأمر مع العراقيين اليوم؛ فالشباب في إيران الذين يشكلون أغلبية سكانه يرون في توفير الوظائف والفرص، والتواصل مع العالم، والاستمتاع بالحياة أولوية أكبر من الطموحات الثورية الإسلامية، وفقاً للمجلة. وتقول بالنهاية، إن “الصدر يمارس لعبة النفَس الطويل في العراق، ويصور نفسه على أنه البديل المعقول لزعيم العراق، سواء في العراق نفسه أو لصانعي السياسات في المنطقة وعلى مستوى العالم.
ومثل الخميني والشعبويين الآخرين من قبله، فهو على استعداد لتوجيه العراق إلى مسار مقلق جداً لتحقيق هذا الهدف. وما من شك أن سياسات العراق تغلفها الفوضى والغموض في بعض الأحيان. على أن استعداد الصدر لزيادة الاضطرابات السياسية في العراق، وتأجيل تشكيل الحكومة العراقية، وتصعيد الاحتجاجات- وهو ما يهدد بحرب شاملة مع الجماعات الشيعية المتنافسة- بمثابة تحذير من قدرته على دفع البلاد إلى ما هو أسوأ”.
الصدر يدعو لنبذ التبعية
على صعيدٍ متصل، قال زعيم التيار الصدري، الخميس الفائت، إن “وحدة الصف في العراق يجب أن تكون وفق الضوابط العامة”، مشدداً على ضرورة بنائها على الإصلاح ونبذ التبعية.
وأضاف أن “النجف هي المرجعية وليس أي مكان آخر”، حسب تعبيره.
يذكر أن مقتدى الصدر كان طلب في خطاب الأربعاء حل البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن “لا فائدة ترتجى من الحوار مع خصومه”، فيما تعيش البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيداً يومياً بعد يوم.وبعد 10 أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021، تشهد البلاد شللاً سياسياً تاماً في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.