ماذا سيحدث إذا أغلقت إيران مضيق هرمز؟ ما السيناريوهات المحتملة؟

2025-06-17 22:20:31

عربية:Draw

بينما تشتعل المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران عقب الهجوم الإسرائيلي على منشآت طهران النووية، عاد الحديث مجدداً عن "الورقة الأخطر" التي تلوّح بها إيران: إغلاق مضيق هرمز. هذا الشريان البحري الذي يعبر منه يومياً أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية، يمثل نقطة الاختناق الأخطر في تجارة الطاقة الدولية.

عاد تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز ليتصدر واجهة الاهتمام العالمي مجددًا، ما يثير مخاوف من تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة النطاق، وفقًا لما ورد في تقارير متعددة.

قال قائد في الحرس الثوري الإيراني وعضو البرلمان، إسماعيل كوثري، إن "إغلاق مضيق هرمز قيد الدراسة، وسوف تتخذ إيران القرار الأفضل بعزم"، حسب ما نقلته شبكة "يورو نيوز". وأضاف كوثري: "أيدينا مفتوحة تمامًا لمعاقبة العدو، والرد العسكري الذي قمنا به ليس سوى جزء من ردنا الكامل"، وفقًا للتقرير ذاته.

أهمية مضيق هرمز

يربط مضيق هرمز بين الخليج العربي وبحر عمان، ويفصل إيران من جهة عن سلطنة عمان والإمارات من الجهة الأخرى، ويعتبر بوابة دخول وخروج النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية. يبلغ عرضه عند أضيَق نقطة فيه نحو 33 كيلومترًا فقط، مع ممرات ملاحية أضيق من ذلك، مما يجعله عرضة للتوترات والتهديدات.وتقع أجزاء كبيرة منه ضمن المياه الإقليمية الإيرانية، وتتداخل مع مياه سلطنة عُمان إلى الجنوب، بحسب تقرير لموقع TWZ.

الممر البحري الضيق هذا يُعد موقعًا استراتيجيًا مهمًا لحركة الملاحة البحرية العالمية، حيث تُستخدم ممرات محددة بعرض ميلين للملاحة التجارية عبره. ويمر من خلاله قرابة خُمس صادرات النفط العالمية، بل ونسبة أعلى من صادرات النفط المنقولة بحرًا، وفقًا لما أورده موقع TMZ.

المضيق أيضًا يُمثل مسارًا رئيسيًا لنقل الغاز الطبيعي المُسال، ويُستخدم من قِبل أكثر من 3,000 سفينة شهريًا لنقل النفط والغاز والبضائع من دول الخليج إلى أنحاء العالم.

تداعيات الإغلاق على العالم

حسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، يمر يومياً من خلال المضيق أكثر من 20 مليون برميل من النفط الخام ومنتجاته، وهو ما يعادل حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً. ولهذا تصفه الإدارة بأنه "أهم ممر لعبور النفط في العالم".

في حال أقدمت إيران على إغلاق المضيق، فإن ذلك سيؤدي فورًا إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا، ما قد يتسبب في اضطرابات اقتصادية كبرى على مستوى العالم، خاصة في ظل الارتفاعات الأخيرة في الأسعار إثر الهجوم الإسرائيلي على إيران، والذي امتد ليشمل منشآت طاقة إيرانية، بحسب ما جاء في التقرير.

محاولة إيران لفرض حصار على المضيق قد تُجبر قوى أجنبية – وعلى رأسها دول الخليج العربي المتحالفة مع الولايات المتحدة – على التدخل، نظرًا للتأثير الهائل المحتمل على اقتصاداتها المعتمدة بشكل كبير على صادرات النفط والغاز الطبيعي، وفقًا لموقع TWZ.

ورغم أن دول الخليج قد تسعى لنقل صادراتها من النفط والغاز بوسائل بديلة عبر أراضيها إلى البحر الأحمر، إلا أن عدم قدرتها على استخدام منشآتها القائمة على الخليج سيظل له آثار اقتصادية ملحوظة.

كما أشار التقرير إلى أن خطوة كهذه قد تُعرض إيران لخطر فقدان دعم بعض شركائها الدوليين، وعلى رأسهم الصين، التي تستورد كميات ضخمة من النفط الإيراني ومن منطقة الشرق الأوسط عمومًا.

وفي هذا السياق، قالت إلين والد، رئيسة مؤسسة "ترانزفرسال كونسلتينغ"، لشبكة سي إن بي سي: "الصين لا ترغب في أن يتعرض تدفق النفط من الخليج لأي اضطراب، ولا تريد أيضًا أن ترتفع أسعار النفط"، مضيفة: "لذلك، ستستخدم الصين كامل قوتها الاقتصادية للضغط على إيران".

علاوة على ذلك، فإن الاقتصاد الإيراني نفسه قد يتضرر بشدة، إذ إن إيرادات البلاد من شحنات النفط والغاز تُشكل عنصرًا أساسيًا في اقتصاده. كما أن أي اضطراب في حركة التجارة البحرية سيُلقي بظلاله السلبية على النظام الإيراني نفسه، بحسب التقرير.

تجارب تاريخية لم تؤدِ إلى إغلاق كامل

رغم تكرار تهديدات طهران بإغلاق المضيق على مدى عقود، لم يتمكن أي طرف حتى اليوم من شل الحركة تماماً فيه. خلال حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق في الثمانينات، استُهدفت ناقلات نفط كثيرة فيما عُرف بـ"حرب الناقلات"، لكن المضيق بقي مفتوحاً جزئياً رغم كل الاشتباكات.

وفي عام 2019، تعرضت أربع سفن لهجمات قرب المياه الإماراتية وسط توترات أميركية إيرانية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، دون أن يؤدي ذلك أيضاً إلى إغلاق كامل.

من يستخدم مضيق هرمز؟

أكثر من 3,000 سفينة تجارية تمر عبر المضيق كل شهر، لنقل النفط والغاز الطبيعي والبضائع من دول الخليج إلى الأسواق العالمية، بحسب ما ورد في التقرير.

لماذا من الصعب إغلاق المضيق بالكامل؟

- الجغرافيا المعقدة: رغم سيطرة إيران على الضفة الشمالية من المضيق، إلا أن أجزاء واسعة منه تقع في المياه الدولية وأمام السواحل العُمانية والإماراتية.

- الوجود العسكري الأميركي المكثف: تتواجد الأساطيل الأميركية وعلى رأسها الأسطول الخامس في البحرين بشكل دائم لحماية الملاحة وتأمين خطوط الإمداد.

- الخسائر الاقتصادية الفادحة لإيران نفسها: أي إغلاق فعلي سيؤدي إلى شلل في واردات إيران من الغذاء والدواء والسلع الأساسية، مما سيلحق ضرراً فورياً باقتصادها وشعبها.

- الصين كحليف متضرر: الصين، وهي المشتري الأكبر للنفط الإيراني، ستعاني بشدة من أي تعطيل في تدفق الشحنات، مما قد يدفع بكين للضغط على طهران لتجنب التصعيد الكامل.

السيناريو الأقرب: تهديدات محدودة لا إغلاق شامل

يرجّح المحللون أن تلجأ إيران إلى أساليب "المضايقة" كزرع الألغام البحرية أو استهداف ناقلات معينة بشكل محدود، لخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق دون الوصول إلى مرحلة المواجهة الشاملة التي ستستفز رداًعسكرياً ضخماً من الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين.

إذا تصاعدت المواجهة إلى مستوى ضرب المنشآت النفطية في الخليج أو تعرضت جزيرة "خرج" الإيرانية التي تمر عبرها 90% من صادرات النفط الإيرانية لأي استهداف عسكري، قد ترتفع الأسعار بشكل يفوق حاجز 100 دولار للبرميل.

وقد حذرت شركة ريستاد لتحليل الطاقة من أن إغلاق المضيق بالكامل قد يرفع الأسعار بـ 20 دولاراً إضافياً للبرميل فوراً.

وبحسب تقديرات المحللين، فإن أي إغلاق فعلي للمضيق قد يدفع بأسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 150 دولاراً للبرميل، وهو ما سيتسبب بموجة تضخم عالمية تضرب سلاسل الإمداد، النقل، وأسعار السلع الأساسية، مع تأثير مباشر على مستويات المعيشة خصوصاً في الاقتصادات النامية الأكثر هشاشة.

التصعيد العسكري: مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة

تمثل الأبعاد العسكرية لهذا التهديد خطراً أكثر جسامة. فقد أكدت الولايات المتحدة، صاحبة الحضور العسكري الأكبر في المنطقة، أنها لن تسمح بإغلاق المضيق تحت أي ظرف.

 وقد يؤدي أي تحرك إيراني إلى مواجهة عسكرية مباشرة تشمل استهداف القوات البحرية الأميركية والمنشآت الحيوية في الداخل الإيراني. كما قد تدخل السعودية والإمارات على خط المواجهة، ما يهدد بتوسيع نطاق الحرب لتشمل الخليج بأكمله.

ورغم أن بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات أنشأت أنابيب نفط تتجاوز المضيق جزئياً، إلا أنها غير كافية لاستيعاب كامل الصادرات النفطية، فيما تبقى دول مثل الكويت وقطر والبحرين معتمدة كلياً على مرور النفط عبر المضيق.

الصين والهند تحت الضغط

في حال التصعيد، ستضطر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للسحب من احتياطياتهما الاستراتيجية للحد من صدمة السوق.

 في الوقت نفسه، ستتعرض الصين والهند، كأكبر المستوردين للنفط عبر المضيق، لضغوط للتحرك دبلوماسياً لاحتواء الأزمة.

ويشكل هذا التهديد معضلة خاصة لبكين التي تعتمد على أكثر من 75% من صادرات النفط الإيراني، ما يجعل أي تعطيل في الإمدادات ضربة قاسية لاقتصادها.

ولهذا يعتقد كثير من المحللين أن الصين ستضغط بكل ثقلها الاقتصادي على طهران لمنع إقدامها على إغلاق المضيق.

الدرس من التاريخ: سلاح يصعب استخدامه

رغم ضخامة التصريحات، تبقى قدرة إيران على إغلاق المضيق كلياً محدودة للغاية، ليس فقط عسكرياً بل اقتصادياً وجيوسياسياً أيضاً. إذ أن مجرد التفكير في هذا السيناريو سيؤدي إلى:

- تدخل أميركي سريع لإعادة فتح المضيق

- عقوبات دولية غير مسبوقة

- تهديد مباشر لتدفق النفط الذي تعتمد عليه إيران نفسها كمصدر دخل أساسي

 تهديد اقتصادي أكثر منه عسكري

يبقى مضيق هرمز حتى اللحظة مفتوحاً أمام حركة الشحن، لكن هواجس التصعيد تظل قائمة في خلفية المشهد الدولي، خصوصاً مع استمرار التوتر الإيراني الإسرائيلي في التصاعد. ومع أن الإغلاق الكامل يبدو شبه مستحيل، إلا أن مجرد التلويح بهذه الورقة يكفي لتحريك الأسواق العالمية وزيادة التقلبات في أسعار الطاقة والسلع الأساسية.

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand