قصة ( الغاز الطبيعي) في إقليم كوردستان
2022-02-14 11:55:42
تقرير: DRAW
يستطيع إقليم كوردستان تصدير 30 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا الى تركيا ودول الاتحاد الاوروبي، لوباعت حكومة الاقليم المترالمكعب منها بـ( 2) دولار فقط ، مع ان سعر المتر المكعب منها يباع في الاسواق العالمية بـ( 3,5 دولار)، فإن العائدات التي ستدخل الى خزينة حكومة الاقليم ستصل الى ( 60 مليون دولار) يوميا، أي ( مليار و 800 مليون) دولار شهريا، الكمية المكتشفة( المثبتة) من الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان تكفي لمدة ( 200 سنة) القادمة بحسب التقارير المختصة بهذا الشأن، تفاصيل أوفى في سياق التقرير التالي.
البداية.
بعد سقوط نظام صدام حسين العام 2003، وفتح المنطقة أمام التنقيب، تبيّن أنها ترقى إلى مستوى التوقعات التي تحدّثت عن وجود كمية وافرة من النفط فيها. فقد أشارت تقديرات "المسح الجيولوجي الأمريكي" العام 2007 إلى أن متوسّط الاحتياطي الكوردستاني وحده يفوق 45 مليار برميل من النفط و3-6 تريليونات متر مكعّب من الغاز الطبيعي. بلغت النقاشات حول قوانين النفط والغازوكذلك تقاسم العائدات حائطاً مسدوداً في بغداد، وضعت حكومة إقليم كوردستان تشريعها الخاص حول النفط والغاز، فمنحت نحو 40 عقداً لشركات من أكثر من 17 بلداً. وفي إطار سعي الحكومة الاتحادية العراقية إلى فرض مركزيّة القطاع النفطي، اتّهمت بغداد حكومة إقليم كوردستان بالفساد مدّعيةً أن عقود تقاسم الإنتاج التي وقّعتها هذه الحكومة مع الشركات الأجنبية غير دستورية. ومن المسائل الأساسية التي ركّزت عليها بغداد في هذا السياق موضوع الشفافية: فقد انتقدت هذه العقود لأنها لم تُعلَن على الملأ و بالتالي لايمكن الاعتراف بها، شكلت حكومة إقليم كوردستان في عام 2006 وزارة الثروات الطبيعية وفي عام 2007 قامت بتشريع قانون النفط و الغاز، هذه الخطوات كانت مخيبة لامال الحكومة الاتحادية، وأعتبرتها مخالفة قانونية وبالضد من الدستور العراقي وكرد فعل على هذه الخطوات قامت بقطع حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية، ومارست بغداد وبإستمرار الضغط على حكومة الاقليم والدليل على ذلك تمرير موازنة عام 2021 بدون موافقة الاقليم و ربطت إرسال حصتها بوجوب تسليميها ( 250) الف برميل الى شركة ( سومو) التابعة للحكومة الاتحادية. تحاول حكومة إقليم كوردستان أن تخطو خطوات جدية في تطوير قطاع الغاز الطبيعي، لان هذا القطاع تشكل أهمية كبيرة لدى الدول الصناعية، إستدامة هذا القطاع الحيوي ستكون لها مردودات إيجابية من الناحية الاقتصادية و السياسية و الاستراتيجية لاقليم كوردستان.
أهمية الغاز الطبيعي في العالم.
يعتبر الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة التي توجد في الطبيعة فهو يقوم بتدوير الآلات الضخمة بكل سهولة. كما يستخدم أيضاً لطهي الطعام وتدفئة الأماكن العامة الكبرى، يستخدم في الكثير من الأمور المنزلية، كما إن تكلفته الاقتصادية مناسبة لجميع فئات المجتمع، ويستخدم أيضاً في التبريد بواسطة التكييف الذي يعمل بالغاز الطبيعي. يستخدم الغاز الطبيعي في الكثير من الأماكن العامة والتجارية، مثل المدارس والمطاعم الكبيرة والمستشفيات والفنادق. حيث يتم استخدام الغاز الطبيعي فيهما في تدفئة الأماكن، يعتبر الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة فتتعدد استخدامه في توليد الكهرباء، فهو وقود امن على البيئة وغير ضار. وذلك من خلال استخدام الغاز الطبيعي الساخن الناتج عن حرق الوقود، وتحويله إلى توربينات لكي تقوم بتوليد الكهرباء وهذه من أفضل الطرق.
انتعش الطلب على الغاز الطبيعي عالميًا، مثل مصادر الطاقة كافة، مع خروج الاقتصاد العالمي من أزمة وباء كورونا، ودعوات التحوّل نحو الطاقة النظيفة.ورغم ذلك، فإن التركيز على الغاز الطبيعي بصفة خاصة أدى إلى أزمة طاقة عالمية في 2021، مع وجود عدّة عوامل دفعت استهلاك الغاز إلى الارتفاع، في وقت عانى فيه العالم وأوروبا تحديدًا من نقص في الإمدادات.وكانت ظروف الطقس القاسية في الشتاء ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية في الصيف، هي العامل الرئيس في ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي حول العالم في 2021، كذلك عدم التقسيم العادل لهذه الثروة من الناحية الجغرافية كان من أحد الاسباب الاخرى لتزايد الطلب على هذه السلعة أستطاعت حكومة إقليم كوردستان في وقت قياسي إستثمار النفط و الغاز و قطعت أشواطا واسعة في هذا المجال و سبقت الحكومة الاتحادية بخطوات. تشير المصادر الى ان ( 3%) من إحتياطي العالم من الغاز الطبيعي يوجد في إقليم كوردستان،و تقدر بـ( 100 – 200) ترليون قدم مكعب.وتعتبر حقلي ( خورملة و كورمور) من أكبر الحقول الغازية في إقليم كوردستان، أشاربحث لمعهد( أكسفور للبحوث الطاقة ) في عام 2016 تحت عنوان(Under the Mountains :Kurdish Oil and Regional Politics) کە (Robin Mills) في الى حجم الاحتياطي الغازي في بعض الحقول الغازية في الاقليم ( أنظر الجدول رقم 3) ملاحظة: 1 متر مكعب = 35.3147 قدم مكعب.
واشار بحث اخرلـ( هيئة المسح الجيلوجي الاميركي)(United States Geological Survey) أن اقليم كوردستان يملك أحتياطي من الغاز يقدر بـ( 60) ترليون قدم مكعب، كما أشار مديرشركة (Genel energy) التركية للطاقة ( توني هاورد ) في عام 2015 بأن احتياطي أقليم كوردستان من الغاز الطبيعي يقدر بـ (5) ترلیون متر مكعب أي مايعادل قرابة(177) ترلیون قدم مكعب. .
احتياطي الغاز الموجود في إقليم كوردستان تفوق أحتياطي بعض الدول المعروفة في هذا المجال والتي تغذي دول الاتحاد الاوروبي بهذه السلعة كـ ( نرويج 61، ليبيا51، اذربايجان47، هولندا 23) ترليون قدم مكعب، بحسب إحصائيات عام 2017. وفق أرقام واحصائيات شركة دانة غاز العاملة في حقول إقليم كوردستان فأن ألاحتياطي الغازي في حقل ( كورمور) فقط تقدر بـ( 75) ترليون قدم مكعب.
ووفق( تقارير منظمة الطاقة الاميركية) (Gaffney Cline Associates تقدر الاحتياطي المكتشف من الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان بـ( 25 ترليون قدم مكعب) أما غيرالمكتشف فتقدر بـ( 200) ترليون قدم مكعب.
أهمية الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان
تأسس مشروع غاز كوردستان في العام 2007 بموجب اتفاقية أبرمتها شركتا دانة غاز ونفط الهلال مع حكومة إقليم كوردستان العراق، حيث منحتهما هذه الاتفاقية حقوقاً حصرية معيّنة لتقييم وتطوير وإنتاج وتسويق وبيع البترول والغاز الطبيعي من حقلي كورموررجمجمال في الإقليم. واستفادت الحكومة بالمقابل من الحصول على إمدادات غاز مستقرة يتم استخدامها في تزويد محطات توليد الكهرباء في الإقليم. وخلال فترة قياسية، لم تتجاوز 15 شهراً فقط من توقيع الاتفاقية، بدأ إنتاج الغاز في أكتوبر 2008 من منشأة معالجة الغاز في كورمور وضخه عبر خط أنابيب يمتد على طول 180 كيلومتراً إلى محطات توليد الكهرباء في جمجمال وبازيان وأربيل التي تبلغ سعتها 2,000 ميجاواط. وفي العام 2009، شُكِّل ائتلاف بيرل بتروليوم، الذي يضم دانة غاز ونفط الهلال بحصة 50% لكل منهما، ثم انخفضت هذه الحصة إلى 35% بعد انضمام شركات (أو إم في)، و (إم أو إل)، و (آر دبليو إي) إلى الائتلاف لاحقاً بحصة 10% لكل منها.
مثّل مشروع غاز كوردستان المرة الأولى التي تبدأ فيها شركة عالمية بإنتاج الغاز في إقليم كردستان العراق، وتستخدم كل كميات الغاز التي تنتجها الشركة لتاريخه في محطات توليد الكهرباء المحلية التي توفر الكهرباء بأسعار معقولة في الإقليم. إضافة إلى ذلك، تنتج منشأة الغاز في كورمور سوائل الغاز الطبيعي (المكثفات) والغاز البترولي المسال الي يتم بيعها إلى حكومة الإقليم والتجار المحليين على التوالي. بدأ تشغيل منشأة كورمور بطاقة إنتاج يومية قدرها 300 مليون قدم مكعب يومياً، ثم ارتفعت طاقتها إلى 400 مليون قدم مكعب من الغاز و15,000 برميل من المكثفات وأكثر من 1,000 طن متري من الغاز البترولي المسال، وذلك نتيجة تنفيذ مشروع التوسعة والتطوير الذي انتهى العمل به في أكتوبر 2018، وقامت حكومة الاقليم بمد انبوب لنقل الغازبطول 50 كيلومتر لنقل الغاز من حقل ( سميل) الغازي الى محطة توليد الكهرباء في محافظة دهوك في عام 2013 وتم تزويد المحطة بالغاز في عام 2014. وكان من المقرر أن تقوم حكومة إقليم كوردستان بتصدير الغاز الى تركيا في عام 2020 بحجم ( 10) مليار متر مكعب في السنة، الا أن المشروع متوقف في الوقت الحالي.
هذه الارقام و الاحصائيات التي ذكرت تبرهن بإن حكومة الاقليم قد بدأت بألاستثمار في هذا المجال قبل ( 15) عاما، الا أن رغم ذلك لم تستطع توفير الاحتياجات المحلية من هذه السلعة و وايضا توفير الغاز لمحطات الطاقة الكهربائية.
لذلك على حكومة الاقليم أن تخطو خطوات واسعة في هذا المجال لكي تستطيع :
1- أن تكون لحكومة الاقليم خطة واسعة ودقيقة تستطيع من خلالها توفير الطلب المحلي من الغاز وتوفير الكمية المناسبة لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية.
2- توفير إحتياجيات الحكومة الاتحادية من الغاز لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية لآنها تعتمد على إيران في هذه العملية، وسيكون ذلك مخرجا لايجاد حلول جذرية للمشاكل المالية والاقتصادية بين الجانبين.
3- تفعيل هذا القطاع بشكل أكثر فاعلية بحيث تتمكن الحكومة من تصديرالغاز الى الاسواق العالمية، لان الغاز الطبيعي مستقبل الطاقة في العالم .
أذا تمكنت حكومة إقليم كوردستان من تفعيل هذه الستراتيجية فأنها ستستطيع بأقل تقدير، تصدير 30 مليون متر مكعب من الغاز يوميا الى تركيا ودول الاتحاد الاوروبي، وإذا ما قامت حكومة الاقليم بيع المتر المكعب منها بـ( 2) دولار مع ان سعر المتر المكعب منها في الاسواق العالمية حاليا بـ( 3,5 دولار)، فإن العائدات التي ستدخل الى خزينة حكومة الاقليم ستصل الى ( 60 مليون دولار) يوميا، أي ( مليار و 800 مليون) دولار شهريا، الكمية المكتشفة من الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان وبحسب التقارير تكفي لمدة ( 200 سنة) القادمة
وفق ماذكرأنفا، فإن إستثمار الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان سيكون له مردودات إقتصادية كبيرة، حيث أن حكومة الاقليم ستستطيع توفير مرتبات موظفيها بدون إدخار إجباري ودفع مرتبين في أن واحد خلال شهرإذا ارادت ذلك، بقي أن نقول أن الخطوات نحو تطوير هذا القطاع لن تتم من دون عقبات و مشاكل جمة، بل أن الاقليم في الوقت الحالي معرض الى الكثير من التهديدات الداخلية والاقليمية، في التقرير القادم سنتطرق بشكل مفصل الى أهم العقبات والتهديدات التي تواجه الاقليم.