الانتخابات العراقية: تراجع شعبية الأحزاب التقليدية في إقليم كردستان
2021-10-16 12:00:35
draw:
صلاح حسن بابان- العربي الجديد
على غرار ما تعرّضت له الأحزاب العراقية الكبيرة؛ هزّت نتائج الانتخابات التشريعية الخامسة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 الأحزاب التقليدية في إقليم كردستان العراق بخسارتها لمئات الآلاف من أصوات ناخبيها. ورغم حفاظ البعض منها على عدد مقاعدها؛ فإن العزوف الكبير عن المشاركة في الانتخابات اعتبر بمثابة رسالة شعبية للأحزاب الرئيسة في الإقليم، التي سجلت أداءً سلبياً خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بمحاربة الفساد وملف مرتبات الموظفين والمتقاعدين بالإضافة إلى التضييق على الحريات العامة واعتقال الناشطين والصحافيين.
من حيث عدد المقاعد والأصوات؛ وقعت الخسارة الكبيرة أولاً، وفقاً للنتائج المعلنة، على حركة "التغيير"، التي تحالفت مع "الاتحاد الوطني الكردستاني" في قائمةٍ واحدة تحت عنوان "تحالف كردستان" ولم تحصل على أي مقعد في البرلمان فيما كان لها ستة مقاعد في انتخابات 2018.
وجاءت الخسارة الأكبر من بين الأحزاب الكردية في عدد الناخبين من حصّة الحزب "الديمقراطي الكردستاني" رغم أنه جاء بالمرتبة الأولى بزيادة عدد مقاعده من 25 إلى 32 مقعداً، لكنّهُ خسر 304297 صوتاً بعد أن انخفض عدد ناخبيه من 724727 صوتاً في انتخابات 2018 إلى 420430 في انتخابات 2021.
في المقابل، كان "الاتحاد الوطني الكردستاني" يُراهن على حصوله على رقم قياسي ورفع عدد مقاعده من 18 إلى أكثر من 30 مقعداً في الانتخابات الأخيرة بعد تحالفه مع حركة "التغيير"، إلا أن المشكلات الداخلية الأخيرة التي ضربت الحزب وأُبعد على أثرها رئيسه المشترك لاهور شيخ جنكي من المشهد السياسي؛ دفعته إلى أن يخسر الكثير من جماهيره رغم حصوله على 17 مقعداً، وخسر 214455 صوتاً من مؤيديه بعد أن تراجعت أعدادهم من 364638 في 2018 إلى 150155 في 2021.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية الأخيرة 41 بالمئة بمشاركة 9.77.779 ناخبٍ، سجلت منها محافظات الأقليم الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك نسبة مشاركة 46 و37 و54 بالمئة على التوالي.
ووفق العضو البارز في "الاتحاد الوطني الكردستاني" غياث سورجي؛ فإن سبب تراجع شعبية الأحزاب التقليدية في الإقليم يعود إلى زيادة نسبة الوعي لدى الناخب الكردي كما العراقي، وهي تتجه نحو الزيادة في كل دورة انتخابية جديدة".
ويرد على احتمالية أن يكون التراجع عقوبة من الناخبين لهذه الأحزاب أو بسبب العزوف عن المشاركة في الانتخابات، بالقول إنه "لو كانت عقوبة لكان يُفترض أن يُعاقب الحزب الحاكم في كردستان، وهو الديمقراطي الكردستاني، ومن ثم الاتحاد الوطني الكردستاني"، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك توجها نحو الأحزاب الجديدة، وهذا ما دفع إلى خسارة الكثير من الشخصيات البارزة والأحزاب الكبيرة على مستوى العراق وكردستان مقاعدها في الانتخابات الأخيرة".
ويعدّ حراك "الجيل الجديد"، في كردستان المفاجأة الأكبر في الانتخابات العراقية على مستوى إقليم كردستان، بزيادة عدد مقاعده من 3 في انتخابات 2018 إلى 9 مقاعد في الانتخابات الأخيرة.
سروة عبد الواحد، وهي شقيقة رئيس حراك "الجيل الجديد"، وفازت بمقعد نيابي في الانتخابات التي أعلنت نتائجها الإثنين؛ ُتخالف سورجي وتعزو أسباب تراجع شعبية الأحزاب الكردية التقليدية إلى الفساد والأداء السياسي السيئ في السنوات الأخيرة تحت حُكم الحزبين الحاكمين، بالإضافة إلى مشكلات أخرى، وأبرزها الاعتقال الجماعي لناشطين وصحافيين ومحاسبتهم على كتابة تعليق أو تعبير عن الرأي.
وتضيف لـ"العربي الجديد": خالفت هذه الأحزاب وعودها التي قدّمتها لناخبيها في كل دورة انتخابية فيما يتعلق بالرواتب والشفافية، ومنها أن الحكومة لم توزع رواتب الموظفين كاملة إلا قبل شهرين من إجراء الانتخابات، وترى أن "هذه العوامل خلقت عدم ثقة لدى الناخب بالانتخابات".
وعمّقت النتائج المحبطة لحركة "التغيير" الخلافات فيها، ووصل الأمر إلى المشادات الكلامية بين قيادات منها مع المنسق العام للحركة عمر السيد علي، وفقاً لمصدر قيادي فيها، أكّد لـ"العربي الجديد" أن عدّة احتمالات وضعت على طاولة الخلية التنفيذية فيها، أبرزها الانسحاب من حكومة الإقليم واستقالة كاملة للمجلس العام والخلية التنفيذية، بالإضافة إلى إجراء تغييرات شاملة داخلياً على مستوى الحزب.
ويُتابع المصدر حديثه قائلاً: إن مسؤولاً رفيع المستوى في رئاسة الإقليم تابعا لحركة "التغيير" يقفُ عائقاً أمام انسحاب الحركة من حكومة كردستان، لكنّه يعود ويؤكد أن هناك إجماعا عاما على ضرورة استقالة المنسق العام للحركة، وتحويل مُلكية المقرّ العام للحركة من ذّمة أولاد المنسق السابق الراحل نوشيروان مصطفى إلى جامعة السليمانية.
أما العضو البارز في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" ريبين سلام، فقد رأى أن تراجع الأحزاب التقليدية هو رسالة مُبطنة من الناخب لأحزاب السلطة، وهي لا تختلف كثيراً في مضمونها عن شبيهتها في باقي مناطق العراق لأحزاب السلطة ببغداد".
مُضيفاً ان الشعب الكردي يُريد أن يرى الخدمات على أرض الواقع مع محاربة الفساد، وألا يبقى ذلك في إطار الدعاية فقط عند النزاعات حتى تُصغّر الفجوة بين المواطن والسلطة.
ويُحذّر سلام في حديثه لـ"العربي الجديد"، الأحزاب الكردية بأنها أمام امتحان أصعب وهو انتخابات برلمان الإقليم التي من المقرّر أن تجرى العام المقبل، على عكس الأحزاب العراقية التقليدية التي بات أمامها أربعة أعوام أخرى لتُمتحن من الشعب مرّة أخرى. داعياً الأحزاب الكردية إلى أن تأخذ رسالة الناخب بجدّية وتترجمها بأفعال على أرض الواقع.
كما شهدت "جماعة العدل الكردستانية"، "الجماعة الإسلامية" سابقاً، تراجعاً في موقعها بعد حصولها على مقعدٍ واحد في هذه الانتخابات بعد أن كان لها مقعدان في 2018، مقابل رفع "الاتحاد الإسلامي الكردستاني" مقاعده من اثنين في الانتخابات السابقة إلى أربعة مقاعد في هذه الانتخابات.