الحكومة العراقية تواجه صعوبات في دمج الفصائل المسلحة
2025-02-01 07:33:30
عربية:Draw
أكدت أطراف سياسية عراقية متعددة وجود صعوبات سياسية وأمنية وخارجية تواجهها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في ملف دمج الفصائل المسلحة بالمؤسسة الأمنية العراقية، ونزع سلاح تلك الفصائل، وذلك تماشياً مع ضغوطات يتعرض لها العراق، وتهديدات تتضمن احتمالية استهداف تلك الفصائل في المرحلة المقبلة.
وأكد السوداني، في 21 يناير/ كانون الثاني الجاري، العمل على دمج الفصائل المسلحة ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، مشيراً إلى أنّ العراق له خصوصية في التعامل مع إرادة البقاء، فيما أكد وزير الخارجية فؤاد حسين أنّ بلاده بدأت حواراً مع الفصائل يهدف لإقناعها بالتخلي عن السلاح والاندماج بقوات الأمن النظامية، وفقاً لمقابلة صحافية سابقة.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي إسكندر وتوت، إنّ "الحكومة العراقية مجبرة على المضي بقضية دمج الفصائل المسلحة، وهناك حراك حكومي حقيقي وفق هذا الهدف، لكن المهمة ليست سهلة، لا سيما أنّ الفصائل ترفض التخلّي عن السلاح وتؤكد البقاء على عمل المقاومة بحجة الوجود الأميركي في العراق وعدم سحب تلك القوات".
وبيّن وتوت أنّ "الحكومة العراقية ليست لديها السيطرة على الفصائل المسلحة"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ الحكومة لا تريد كذلك فرض خططها على الفصائل من خلال استخدام القوة، وتفضّل استخدام الدبلوماسية والحوار لتجنب مخاطر المواجهة، و"هو ما يجعل المهمة غير سهلة وصعبة جداً"، وفق قوله.
وأضاف النائب العراقي أنّ "حوارات الحكومة ــ الفصائل تحتاج لوقت طويل، وكل طرف سيطلب ضمانات من أجل تنفيذ ما يريده الطرف الآخر، وحتى الساعة، لا تجاوبَ من الفصائل مع مساعي الحكومة، رغم وجود خطورة على تلك الفصائل من ردود الأفعال سواء الأميركية أو الإسرائيلية خلال الفترة المقبلة".
بدوره، قال عضو الإطار التنسيقي الحاكم في العراق علي الزبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نزع سلاح الفصائل من أصعب المهام التي تقوم بها الحكومة العراقية حالياً"، مؤكداً أنّ الحكومة "تواجه صعوبة في هذا الملف... هناك فصائل ما زالت متمسكة بالسلاح والعمل الجهادي". وأضاف أنّ "الحكومة العراقية يمكن لها النجاح في نزع سلاح الفصائل ودمجها داخل المؤسسة الأمنية كحال الكثير منها من خلال إخراج القوات الأميركية، ونزع حجج ومبررات الفصائل في حمل السلاح، ما دامت تتذرع بأنها تحتفظ به لمواجهة الاحتلال حين يتطلب الأمر"
واستطرد قائلاً: "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في موقف لا يحسد عليه، المجتمع الدولي ينظر إلى ما تقوم به حكومته في هذا الملف، كذلك هو لا يريد أي خلاف أو صدام مع الفصائل المسلحة، التي هي بالأساس داعمة له ولحكومته، لكن بعض القضايا المحلية أو الإقليمية تدفع تلك الفصائل نحو العمل العسكري، كما حدث أخيراً في غزة ولبنان".
دمج الفصائل المسلحة "مهمة مستحيلة"؟
أما الباحث في الشأن السياسي والأمني محمد علي الحكيم، فقال إنّ "الحكومة العراقية تدرك جيداً أنها لم ولن تستطيع نزع سلاح الفصائل، وهي غير قادرة على دمج تلك الفصائل في أي من المؤسسات الأمنية، فهذه الفصائل غير خاضعة للحكومة، وهي مرتبطة بشكل مباشر بإيران، والأخيرة تريد تعزيز نفوذها في العراق عبر تلك الفصائل، ولهذا، الفصائل باقية على وضعها من دون أي تغيير".
وأضاف الحكيم أنّ "قضية نزع سلاح الفصائل ودمجها مهمة مستحيلة، وتصريحات الحكومة العراقية في هذا الخصوص هي محاولة لإرسال رسائل إلى المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بعد قدوم الرئيس دونالد ترامب، بأنها ستعمل على هذا الملف، في إجراء احترازي لمنع أي خطوات تصعيدية ضد العراق بسبب تلك الفصائل".
وأكد أنّه "خلال المرحلة المقبلة، سيُكشف للجميع أنّ الحكومة العراقية تركت هذا الأمر، وهذا ما سيدفع واشنطن إلى اتخاذ خطوات لمواجهة نفوذ إيران في العراق، المتمثل في تلك الفصائل، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية"، مشيراً إلى أنّ "التدخل العسكري النوعي ربما يكون وارداً جداً".
في المقابل؛ قال القيادي في حركة أنصار الله الأوفياء علي الفتلاوي، في حديث مقتضب إنّ "أي حديث عن تخلّي المقاومة عن سلاحها غير صحيح، فلا يمكن ترك السلاح والعمل الجهادي في ظل وجود الاحتلال الأميركي، وخطورة التمدد الصهيوني في المنطقة"، مضيفاً أنّ "هذه الفصائل وُجدت لمحاربة الاحتلال حصراً، وهي باقية ما دام الاحتلال وخطره باقيين في العراق، والجميع يتفهم ذلك جيداً، وليس من حق أي جهة أو شخص إجبار الفصائل على ترك السلاح".
وكانت تقارير وتسريبات صدرت عن سياسيين ومستشارين في الحكومة العراقية قد تحدثت عن ضغوط دولية وتصعيد أميركي ضد الحكومة العراقية ورئيسها محمد شياع السوداني، لحثّه على سحب سلاح الفصائل وحلّ "الحشد الشعبي"، وهو الخيمة الجامعة لنحو 70 فصيلاً مسلّحاً معظمها لها ارتباطات بإيران، في وقت لم تعلن حكومة بغداد رسمياً عن أي إجراءات لها بهذا الصدد، على الرغم من اعتراف مستشار للسوداني بتلك الضغوط، قائلاً كذلك إنّ أميركا قد تلجأ إلى القوة في حال لم تستجب بغداد لحلّ "الحشد الشعبي".
والتزمت الفصائل العراقية أخيراً حالة من الصمت السياسي والميداني، إذ انسحبت تلك الفصائل من سورية قبيل إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وسبق ذلك وقف لهجماتها ضد إسرائيل قبل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
المصدر: العربي الجديد