كردستان العراق أمام امتحان معقّد لتشكيل حكومة جديدة

2024-10-24 06:37:22

عربيةDraw

أصبح إقليم كردستان العراق بعد تجاوزه عقبة إجراء انتخاباته البرلمانية، أمام امتحان مصيري آخر يتمثّل في تشكيل حكومة جديدة في ضوء نتائج الانتخابات التي أفضت إلى فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني على منافسه المباشر الاتحاد الوطني الكردستاني، وهي عملية معقّدة يتعلّق بها استقرار الإقليم وحتّى وحدته.

وتكمن صعوبة العملية في كون مشاركة الحزبين في الحكومة ضرورية بغض النظر عن إمكانية تحالف الحزب الفائز مع قوى أخرى حاصلة على مقاعد في البرلمان لتحقيق نصاب النصف زائد واحد من العدد الجملي لمقاعد المجلس البالغة مئة مقعد، والضروري لتشكيل الحكومة.

ولن تستطيع حكومة لا يشارك فيها حزب الاتّحاد بقيادة بافل طالباني ابن الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني بسط سلطانها على جميع مناطق الإقليم وتحديدا على السليمانية وحلبجة حيث يتركّز نفوذ حزب الاتحاد الذي يسيطر على المؤسسات هناك ويمتلك قواته الخاصّة من بيشمركة (جيش) وأسايش (شرطة).

وتخشى دوائر سياسية عراقية أن يلجأ حزب طالباني إلى المكابرة وتعقيد عملية تشكيل حكومة جديدة في الإقليم وذلك بالرفع من سقف مطالباته وتقديم شروط تعجيزية للمشاركة في الحكومة.

وتبرّر خشيتها بدخول عامل خارجي على الساحة السياسية في الإقليم متمثّل في الأحزاب والفصائل الشيعية الحليفة لإيران والحاكمة في الدولة الاتّحادية العراقية والتي وقفت بقوّة وراء حليفها حزب الاتّحاد الوطني على أمل تحويله إلى القوّة السياسية الأولى في الإقليم لأخذ مكان الحزب الديمقراطي في قيادته.

وسهّلت تلك القوى النافذة في مؤسسات الدولة العراقية، بما فيها مؤسسة القضاء، تعديل قانون انتخابات برلمان الإقليم وطريقة إجرائها بتغيير عدد دوائرها وإسناد الإشراف عليها إلى مفوضية الانتخابات الاتحادية بدلا من نظيرتها المحلية، وتقليص عدد مقاعد الكوتا في البرلمان.

وكانت مختلف تلك التغييرات مطلوبة من قبل حزب طالباني الذي أمل في أن تساعده على تحقيق نتائج انتخابية مختلفة عمّا حققه في انتخابات سابقة حتّى يتمكّن من تغيير مسار الحكم وهو الشعار الذي رفعه في حملته الانتخابية.

ولم يحمل ظهور النتائج الأولية للانتخابات خيبة أمل لحزب الاتّحاد فقط وإنما أيضا لحلفائه العراقيين وحتّى لإيران التي كانت تأمل في أن تمدّ من خلاله نفوذها إلى كامل إقليم كردستان العراق وليس فقط إلى مناطق سيطرته المحاذية لأراضيها.

وتوقّع السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي أن تستغرق عملية تشكيل حكومة الإقليم وقتا طويلا وقد تفرض وضعا جديدا.

وقال في حديث لوسائل إعلام محلية إن “اللهجة بين الحزبين الرئيسيين كانت حادة جدا خلال الحملة الانتخابية، وإذا بقي هذا الوضع فذلك يعني أن على الحزب الديمقراطي أن يبحث عن قوى أخرى للتحالف معها بدلا من الاتحاد الوطني”.

وحذّر من أنه “إذا حدث ذلك فسوف تبرز مخاطر أخرى تُوسّع الفجوة بين السليمانية وأربيل ما سيقود إلى تصدع وتهشيم وحدة إدارة الإقليم”، منبها إلى أن ذلك “سيضعف موقف إقليم كردستان عراقيا وإقليميا وحتى دوليا”.

والتزمت قيادات الحزب الديمقراطي، الذي يقوده السياسي الكردي المخضرم مسعود بارزاني، بعد ظهور النتائج الأولية بترويج خطاب معتدل وأظهرت انفتاحا على الشراكة والتعاون مع مختلف القوى السياسية في الإقليم لتشكيل حكومة جديدة، بينما حافظت قيادات الاتحاد على غموض موقفها وواصلت الترويج لفوزها في الانتخابات رغم أنّ الأرقام تظهر عكس ذلك.

وقال حزب بارزاني على لسان مسؤول مكتبه التنظيمي في السليمانية وحلبجة علي حسين إنّه لا يرفع الفيتو في وجه أي حزب آخر، وإنّه لن يتردّد في ضمّ أي كيان سياسي مستعد لتنفيذ برنامج الحكومة الجديدة إلى تشكيلتها.

وعلى الطرف المقابل تعمّد حزب طالباني الإبقاء على غموض موقفه من تشكيل حكومة جديدة في الإقليم، واكتفى في اجتماع تقييمي عقده تحت إشراف رئيسه بتجديد الحديث عن تغيير مسار الحكم، حاثّا أعضاء الاتحاد ومؤسساته على “الاستعداد من الآن بروح اتحادية عالية للانتخابات المقبلة في العراق وأن يقوموا بتعزيز انتصار حزبهم في العمليات الديمقراطية في كركوك وإقليم كردستان بانتصار أكبر في العراق".

وتشعر عدّة جهات عراقية وحتى دولية بدقة المرحلة التي دخلها إقليم كردستان بعد الانتخابات، وتحثّ فرقاءه السياسيين على التعجيل بتشكيل حكومته الجديدة حفاظا على استقراره ووحدته.

ودعت رئاسة جمهورية العراق الأطراف السياسية في الإقليم “إلى الجلوس إلى طاولة الحوار الوطني البنّاء، بهدف تشكيل حكومة الإقليم على أسس تضع خدمة الشعب في مقدمة أولوياتها، وتعمل على تعزيز عملية البناء والإعمار، ودعم الانتعاش الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة".

كما حثت في بيان على “احترام نتائج الانتخابات وإرادة الشعب”، مؤكدة “دعمها لاستكمال المسار الدستوري والديمقراطي في إقليم كردستان، بما يعزز الوحدة الوطنية”.

ويكتسي الحفاظ على استقرار إقليم كردستان العراق، كذلك، أهمية لدى العديد من الأطراف الدولية التي ترى في سلطاته شريكا مناسبا لها. وعلى هذه الخلفية دعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة للإقليم.

وقالت السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي في بيان إن تشكيل الحكومة سيمهّد طريق إقليم كردستان لتعزيز مؤسساته الديمقراطية والارتقاء بحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية وتعزيز صمود الإقليم.

وكتب السفير الفرنسي في العراق باتريك دوريل على حسابه في فيسبوك “ترحب السفارة الفرنسية بإجراء انتخابات قانونية في إقليم كردستان”، واصفا الخطوة بالمهمة للإقليم والعراق ككل.

ورحبت القنصلية البريطانية العامة في أربيل من جهتها بإجراء الانتخابات. وقالت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنّ “الإقبال الكبير على الانتخابات هو رسالة قوية لدعم استعادة الديمقراطية”. وأضافت “نتطلع إلى استئناف البرلمان عمله وتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن”.

المصدر: صحيفة العرب

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand