الحزبان الكورديان يستقويان في معركتهما على السلطة والنفوذ بأنقرة وطهران

2024-09-10 08:57:50

 عربية:Draw

أصبح الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان العراق الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني يتنافسان على إسداء خدمات أمنية لكل من تركيا بالنسبة للحزب الأول ولإيران بالنسبة للثاني وذلك في مظهر على انخراط الحزبين المتنافسين بشدّة على السلطة في الإقليم، بقوة في لعبة المحاور الإقليمية.

وتكمن المفارقة في أن الخدمات التي يسديها كل من الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني للدولتين تتّم على حساب أبناء المكوّن الكردي ذاته الذي لطالما رفع الحزبان راية الدفاع عن قضاياه بما في ذلك قضية إقامة دولة قومية له في المنطقة وهي الفكرة التي تلتقي كل من طهران وأنقرة على رفضها بشدّة ومقاومتها بشتى الطرق.

ويساعد الحزب الديمقراطي الذي يقوده أفراد أسرة بارزاني الجيش التركي في حربه ضدّ مسلّحي حزب العمال الكردستاني داخل أراضي الإقليم والتي أخذت مؤخرا منحى تصعيديا كبيرا واتسعت رقعة عملياتها وخصوصا في محافظة دهوك الداخلة ضمن مناطق نفوذ الحزب المذكور.

وعلى الطرف المقابل يساعد حزب الاتحاد الوطني بزعامة ورثة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، إيران في تعقّب عناصر الأحزاب المعارضة لها والتضييق عليهم في أماكن تواجدهم بالإقليم وصولا إلى ترحيلهم منه على غرار ما حدث قبل أيام لبهزاد خسروي عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الذي تمّ تسليمه للسلطات الإيرانية ما فتح بابا كبيرا للجدل والتراشق بالتهم والمزايدات بين حزبي بارزاني وطالباني.

وتبرّأ مجلس أمن إقليم كردستان وهو مؤسسة رسمية واقعة تحت تأثير نفوذ الحزب الديمقراطي، من المسؤولية عن عملية التسليم، بينما نفت شرطة الإقليم (الأسايش) في السليمانية حدوث عملية ترحيل على خلفية سياسية وتحدثت عن مغادرة طوعية لمواطن إيراني كان يقيم في الإقليم بشكل غير قانوني.

ووجه المجلس في بيان أصدره بشأن المسألة الاتهام مباشرة إلى حزب الاتحاد الوطني بالتفرّد في إدارة المؤسسات الحكومية بما فيها الأمنية في السليمانية بقرار حزبي، مضيفا أنّ “المؤسسات الرسمية لإقليم كردستان ليست مسؤولة عن السلوك غير القانوني لرئيس الاتحاد الوطني ومؤسساته”.

ويتقاسم الحزبان القوات المسلّحة للإقليم من بيشمركة (الجيش) وأسايش (الشرطة) ويستخدمانها كل وفق مصالحه وتوجهاته الحزبية التي كثيرا ما تتناقض واضعة تلك القوات أمام خطر التصادم فيما بينها وهو ما حدث بالفعل في أكثر من مناسبة ولكن بشكل محدود إلى حدّ الآن.

وتعارضت رواية المجلس جذريا مع رواية السلطات الأمنية في السليمانية والتي قالت في بيان إنّ اعتقال المواطن الإيراني تم لعدم وجود تصريح إقامة له في المحافظة، نافية وجود أي صلة له بالنشاط السياسي. وأشارت إلى أن خسروي طلب العودة إلى بلاده بعدما أُلقي القبض عليه وأنه وقّع تعهدا قانونيا على ذلك.

لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني أكّد أن المُرَحّل عضو فيه وأنّه اعتقل من جانب أسايش الاتحاد الوطني وتمّ تسليمه إلى مديرية الاستخبارات الإيرانية.

والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني هو أقدم حزب كردي إيراني تأسس قبل ثمانية عقود من الزمن وتصنّفه طهران إلى جانب أحزاب أخرى مسلّحة ناشطة على أرض إقليم كردستان العراق منظمة إرهابية.

ومنذ نحو سنة أصبحت تلك الأحزاب تواجه تقييد نشاطها ونزع أسلحتها وتجميع مقاتليها في أماكن محدّدة بعيدة عن الحدود الإيرانية، بناء على تفاهم بين السلطات الاتحادية العراقية ونظيرتها الإيرانية، وهو تفاهم يعادل اتفاقا أبرمته بغداد لاحقا مع أنقرة بشأن التعاون الأمني الذي يتضمّن التصدّي لنشاط مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض للنظام التركي داخل الأراضي العراقية.

وبينما يبدو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ملتزما بتنفيذ التفاهم بين بغداد وطهران بشأن معارضي النظام الإيراني، يبدو غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني ملتزما بشكل عملي بتنفيذ الاتفاق بين بغداد وأنقرة بشأن حزب العمّال الكردستاني، الأمر الذي يتضّح معه المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه كل من الحزبين الديمقراطي والاتّحاد.

وسبقت عمليةُ تسليم خسروي بأيام قليلة زيارةً يقوم بها الرئيس الإيراني المنتخب حديثا مسعود بزشكيان إلى العراق، ما يجعل العملية متضمنة لرسالة سياسية من حزب الاتحاد الوطني إلى إيران، تماما مثلما لم تخل زيارة كان قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أفريل الماضي إلى العراق من احتفاء استثنائي بها من قبل قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني التي “حظيت” بلقاء أردوغان في معقلها بأربيل، بينما لم تتح تلك “الفرصة” لقيادات الاتّحاد الوطني المغضوب عليها من قبل تركيا كونها متهمة من قبلها بإيواء عناصر حزب العمال في مناطق نفوذها بالسليمانية ومساعدتهم في المواجهة المسلحة مع الجيش التركي.

وتمّ تحديد الأربعاء موعدا للزيارة التي ستكون الأولى لبزشكيان إلى الخارج منذ انتخابه رئيسا لبلاده مطلع يوليو الماضي، وذلك بحسب ما أوردته وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الإيرانية “إرنا” التي قالت إنّ الزيارة ستشهد توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين مؤجلة من عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي الذي قتل في مايو الماضي في حادث مروحية.

وبينما طورت قيادات الحزب الديمقراطي علاقات متطورة مع أركان الحكومة التركية ترجمتها إلى تعاون اقتصادي فعّال تجلّي خصوصا في تصدير النفط المنتج في الإقليم إلى تركيا وعبرها إلى الخارج دون تنسيق مع السلطة الاتحادية العراقية (تم وقفه)، وأمنية تمثلت في التعاون ضد مقاتلي حزب العمّال، أقامت قيادات حزب الاتحاد الوطني علاقات متينة مع بعض أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المسلّحة الموالية لإيران والمتحكمة بشكل رئيسي في مقاليد السلطة الاتّحادية.

وبدأ حزب الاتّحاد يستخدم تلك العلاقات في صراعه ضدّ غريمه الديمقراطي ويحقق مكاسب عملية في ذلك بدءا من نجاحه في تمرير تعديلات عبر القضاء العراقي المشكوك في استقلاله عن السلطة السياسية على قانون انتخاب برلمان الإقليم صبّت في غير مصلحة الحزب الديمقراطي الذي احتج بشدّة على تلك التعديلات وهدّد بمقاطعة الانتخابات البرلمانية ما أدّى إلى تأجيل الاستحقاق مجدّدا إلى أكتوبر القادم.

وأصبح حزب الاتّحاد مؤخّرا يجاهر بطموحه لقلب معادلة الحكم في الإقليم لمصلحته من خلال الانتخابات، الأمر الذي اعتبره متابعون للشأن العراقي مظهرا على ثقة الحزب في المحور الذي ينتمي إليه.

وتنظر دوائر سياسية وإعلامية عراقية إلى الصراع الحاد الذي دار بين الحزبين على قيادة الحكومة المحلية لمحافظة كركوك على مدى الأشهر الماضية التي تلت إجراء انتخابات مجالس المحافظات في ديسمبر الماضي، باعتبارها معركة سياسية صريحة بين إيران من جهة وتركيا من جهة مقابلة.

وبينما بذلت السلطات التركية جهودا كبيرة لمنع حزب الاتحاد الوطني من الحصول على المناصب القيادية في حكومة كركوك المحلية ولإسناد تلك المناصب لحلفائها التركمان أو العرب، أو في أدنى التقديرات لأصدقائها الأكراد المنتمين للحزب الديمقراطي الكردستاني، كان المحور الإيراني ممثلا بقيادة حزب الاتّحاد وحليفها الشيعي قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، والمسيحي ريان الكلداني قائد ميليشيا بابليون، يعمل بجدّ على الحصول على تلك المناصب، وهو ما تمّ بالفعل بذهاب منصب محافظ كركوك لريبوار طه القيادي في حزب الاتحاد بعد عقد صفقات سياسية سريعة خلال اجتماع عقد في فندق ببغداد بعيدا عن مركز المحافظة المتنازع عليها.

ومثل ذلك انتصارا أوليا لحلفاء إيران على حساب أصدقاء تركيا، ما فتح شهية هؤلاء الحلفاء للحديث عن مكسب آخر أكبر وأكثر أهمية يتمثل في الإمساك بزمام الحكم في إقليم كردستان العراق بحسب تصريحات لقيادات حزب الاتحاد بمن فيهم رئيس الحزب بافل طالباني الذي قال مؤخّرا إنّه دون حزبه لن يكون مسرور بارزاني القيادي في الحزب الديمقراطي والرئيس الحالي لحكومة الإقليم قادرا على الحصول حتى منصب مدير عام.

المصدر: صحيفة العرب

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand