إقليم كردستان العراق بلا مؤسسات منتخبة بعد إنهاء عمل البرلمان ومجالس المحافظات
2023-09-25 21:31:56
عربية:Draw
أنهت المحكمة الاتحادية العليا في العراق عمل مجالس المحافظات في إقليم كردستان العراق بسبب التمديد غير القانوني لمدّتها المنتهية منذ سنوات، لتلحقها بذلك، ببرلمان الإقليم الذي كانت المحكمة قد اتخذت قبل أشهر نفس القرار بشأنه وللسبب ذاته.
وغالبا ما يُعزى التأجيل المتكرّر للانتخابات الضرورية لتجديد تركيبة المؤسستين إلى الخلافات السياسية والفراغ القانوني والدستوري، لكنّ مطّلعين على الشؤون الداخلية للإقليم يؤكّدون عدم وجود إرادة سياسية فعلية للالتزام بالمواعيد الانتخابية.
ويقلّل هؤلاء من أهمية برلمان كردستان العراق وكذلك مجالس المحافظات في رسم السياسات واتّخاذ القرارات وتنفيذها، كون الإقليم يدار عمليا من قبل نخبة محدودة من قيادات الحزبين المهيمنين على الساحة، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة آل بارزاني في المقام الأول، والاتحاد الوطني الكردستاني التابع لورثة جلال طالباني في المقام الثاني.
ويؤكّد هؤلاء غلبة العرف القائم على تحقيق التوافق بين الحزبين على قوانين الإقليم ومؤسساته بدليل عدم وجود أثر ملموس في واقع كردستان العراق لغياب البرلمان وتوقّف أعماله.
وشرحت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في العراق، حيثيات حكمها بإنهاء عمل مجالس المحافظات عبر بيان أوضحت فيه عدم دستورية التعديل القانوني الذي أقرّه برلمان الإقليم في 2019 ومكّن من تمديد عمل تلك المجالس التي لم يُعَد انتخابها منذ سنة 2014.
وكان برلمان إقليم كردستان العراق قد صدّق أيضا في أكتوبر 2022 على تمديد عمره التشريعي بغالبية 80 برلمانيا من أصل 111، وسط مقاطعة كتلتي الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية المستقلتين.
وجاء التمديد بعد الإخفاق في إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في 6 نوفمبر من العام نفسه، قبل أن تحدد رئاسة الإقليم يوم 18 نوفمبر 2023 موعدا جديدا للانتخابات بناء على المادة رقم 1 من قانون سنة 2005 المعدل.
وعلّقت رئيسة كتلة الجيل الجديد في البرلمان العراقي النائبة سروة عبدالواحد إحدى أبرز وجوه المعارضة للسلطة في كردستان العراق بأنّ قرار المحكمة الاتحادية العراقية جاء بناء على الدعوى التي رفعتها أمام المحكمة في وقت سابق. ومن جهته قال رئيس مجلس محافظة أربيل علي رشيد إنّ “قرار المحكمة الاتحادية سيضعنا في حالة فراغ قانوني، ولا نعرف كيف نتعامل مع القرار، وستجتمع لجنتنا القانونية لاحقا لتقرر ما ينبغي أن نفعله”، موضحا لشبكة رووداو الإخبارية أنّ جلسة المحكمة الاتحادية لم تكن مخصصة للتداول في قضية مجالس المحافظات بل للتداول بشأن برلمان كردستان حيث وصفت القانون رقم 2 لسنة 2019 بأنه غير دستوري، والقانون المذكور هو تعديل للقانون رقم 3 لسنة 2009 في فقرتين تقول إحداهما إن مجالس المحافظات ستواصل أداء مهامها، وتقول الثانية إن المحافظ يتم انتخابه من داخل وخارج مجلس المحافظة، بينما كان انتخابه في السابق يجري في مجلس المحافظة.
وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت في مايو الماضي حكما بعدم دستورية تمديد عمل برلمان إقليم كردستان العراق معتبرة أنّ “التمديد يتعارض مع أحكام دستور البلاد”. وقال رئيس المحكمة القاضي جاسم عبود آنذاك إنّ “الدستور نص على أن يكون عمر البرلمان أربع سنوات، ويعدّ باطلا أي نص قانوني آخر يتعارض مع الدستور".
وكان الموعد القانوني الدستوري الذي يجب أن تجرى فيه الانتخابات البرلمانية هو 6 نوفمبر 2022، ولكن “لم تُجر في موعدها بسبب الخلافات السياسية والفراغ القانوني والدستوري”، بحسب الباحث والمحلل السياسي العراقي كاظم ياور.
وقال ياور إنه بسبب ذلك تم تمديد عمل البرلمان سنة واحدة، ما أثار خلافات حول قانونية ودستورية التمديد، الأمر الذي دفع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني بموجب صلاحياته، إلى تحديد موعد جديد للانتخابات.
ورغم أنّه لم يبق على الموعد الجديد سوى أسابيع قليلة إلاّ أنه لا تُلمس في كردستان العراق تحضيرات جدّية للموعد الانتخابي ما يجعل العديد من الملاحظين يؤكّدون صعوبة الالتزام بالموعد المحدّد، مرجّحين اللجوء إلى التأجيل مجدّدا.
وبالإضافة إلى العوائق السياسية والقانونية أمام إجراء الانتخابات في كردستان العراق، يحضر بقوة العامل المالي الذي تحوّل إلى مشغل رئيسي لقيادة الإقليم بفعل الخلافات الحادّة مع الحكومة العراقية بشأن حصة إقليمهم من الموازنة الاتحادية وتأخر بغداد في إرسال الأموال المخصصة لدفع الرواتب في الإقليم، كل ذلك إلى جانب انقطاع الموارد التي كانت تتأتّى لأكراد العراق من تصدير النفط عبر خط أنابيب كركوك – جيهان والذي أوقفت تركيا ضخ الخام عبره إلى أجل غير مسمّى.
وبعيدا عن تلك الموانع الواقعية التي تحول دون الالتزام بالمواعيد الانتخابية، يذهب البعض إلى القول إنّ عدم إجراء الانتخابات البرلمانية والمحلّية في كردستان العراق يوفر وضعا مريحا لقيادة الإقليم، إذ يعطلّ مؤسسات تنازعها سلطاتها المطلقة ولو بشكل محدود، فضلا عن أن الانتخابات يمكن أن تحمل إلى المؤسستين بعض المعارضين لسياساتها، مثلما حدث في دورات انتخابية سابقة.
صحيفة العرب