الخلافات تحول دون توافق كردي حول الانتخابات المحلية في العراق
2023-08-21 19:09:11
عربية:Draw
تبدي الأحزاب الكردية رغبة في خوض الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في العراق في ديسمبر المقبل ضمن قائمة موحدة لاسيما في محافظة كركوك، لكن إلى حد الآن ليست هناك أي مؤشرات على حصول توافق فيما بينها.
وتقول أوساط سياسية كردية إن السيناريو الأقرب هو أن تمضي الأحزاب في الإقليم على خطى الإطار التنسيقي الذي يمثل المظلة السياسية للقوى الشيعية الموالية لإيران، حيث سيشارك الاتحاد الوطني الكردستاني بقائمة منفردة، في مقابل ذلك يدخل الحزب الديمقراطي الكردستاني الاستحقاق معززا بتحالف مع الحركة الإسلامية الكردستانية وعدد من الأحزاب التركمانية الصغيرة.
وقررت حركة التغيير الكردية، الأحد، عدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات في كركوك، بسبب غياب الاتفاق على قائمة واحدة. وقال مصدر مسؤول في الحركة إنه “كان من المقرر أن يكون للحركة مرشحون مستقلون لكنها قررت أن لا تشارك في الانتخابات المحلية بالمحافظة”. وتكتسي الانتخابات المحلية في المناطق المتنازع عليها بين السلطة المركزية وإقليم كردستان، ولاسيما كركوك، أهمية استثنائية، ما يجعل المعركة حولها حامية، وكانت القوى الكردية أبدت خلال الأشهر الماضية رغبة في ترك خلافاتها جانبا والنزول بثقلها في هذه المحافظة ضمن قائمة واحدة.
لكن هذه الرغبة اصطدمت على ما يبدو بغياب الإرادة السياسية، وتغلبت الصراعات على فرص التوصل إلى توافق، لاسيما بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.
وتشهد العلاقة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني صراعا منذ الانتخابات التشريعية في العراق في العام 2021، واتخذ هذا الصراع أبعادا مختلفة على مدى الأشهر الماضية، وفشلت جميع المحاولات لوضع حد له.
وترتبط الأزمة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم بخلافات حول إدارة الحكم والموارد المالية، وقد جرت محاولات وساطة بينهما لاسيما من الجانب الأميركي لكنها لم تحقق أي نتيجة.
وتؤثر هذه الأزمة بشكل مباشر على الوضع الداخلي في الإقليم، وعلى المفاوضات مع الحكومة الاتحادية بشأن القضايا الخلافية ومنها المناطق المتنازع عليها.
ويرى مراقبون أن دخول الأكراد للانتخابات المحلية مشتتين من شأنه أن ينعكس سلبا على حضورهم لاسيما في كركوك.
وعرف العراق منذ عام 2003 ثلاثة انتخابات محلية، كانت الأولى عام 2005، تلتها انتخابات عام 2009، ثم انتخابات عام 2013، غير أن محافظة كركوك لم تشهد إلا دورة انتخابية واحدة، وهي تلك التي عقدت العام 2005.
وبدأ الاتحاد الوطني الكردستاني الترتيب للمشاركة في الاستحقاق بشكل منفرد، وعقد مكتبه السياسي الأحد، اجتماعا في كركوك تم خلاله بحث كيفية مشاركة الحزب وتنسيق الجهود تحضيرا للانتخابات.
وقال القيادي في الاتحاد الوطني غياث سورجي إن “عقد الاجتماع في كركوك يأتي لوجود رمزية وخصوصة لهذه المحافظة لدى الأكراد والاتحاد الوطني خصوصا".
وأضاف سورجي أن “الاتحاد الوطني يحل في كل انتخابات بالمرتبة الأولى”، مرجحا في تصريحات لوسائل إعلام محلية “حصول الحزب في الانتخابات المقبلة على المرتبة الأولى والاستحواذ على ثمانية مقاعد في انتخابات مجالس المحافظات في كركوك، على أقل تقدير".
وتهدف القوى الكردية إلى تحقيق أغلبية في مقاعد مجالس المحافظات في كركوك وغيرها من المحافظات المتنازع عليها.
وترنو تلك القوى إلى استعادة منصب محافظ كركوك، بعد فقدانه في أكتوبر 2017، عقب استفتاء انفصال كردستان في الخامس والعشرين من سبتمبر من العام نفسه، لكن متابعين يرون صعوبة تحقق الأمر في ظل التشتت الحاصل.
ورجح الكاتب والمحلل السياسي الكردي عدالت عبدالله، في وقت سابق، أن يكون مصير الأكراد في المناطق المتنازع عليها “سيئا إلى حد كبير”، بعد عدم التوصل إلى صيغة مشتركة وإمكانية التوحد، لاسيما في كركوك.
وقال عبدالله إن “الأحزاب الكردية الرئيسة والثانوية لم تتوصل إلى صيغة مشتركة وبناء تحالف كردستاني موحد في المناطق المتنازع عليها”، مشيرا إلى أن “هناك قضية مركزية للأكراد وهي هوية كركوك والمناطق المتنازع عليها، وكان يجب أن تدفعهم هذه القضية المركزية إلى الدخول في تحالف واحد".
وتكتسي كركوك وضعا خاصا حتى بالنسبة لباقي المحافظات المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وفق المادة 140 من الدستور، حيث تتميز بموقع حساس، وتنوع عرقي وطائفي، فضلا عن أنها تضم ستة حقول نفطية عملاقة تقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.
ومنذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، سيطرت البيشمركة الكردية على مركز مدينة كركوك، لكن عمليات فرض القانون، التي شنتها حكومة حيدر العبادي في أكتوبر 2017 بعد الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، حولت السيطرة الأمنية في المحافظة إلى قوات الجيش العراقي مع انسحاب البيشمركة من مركز المدينة.
وأعلنت قيادات من الإطار التنسيقي أنها لن تسمح بعودة سيطرة الأكراد على المحافظة، مشيرة إلى أن الإطار والأحزاب القريبة منه ستكون الطرف الرابح في الانتخابات المنتظرة.
ويرى مراقبون أن انتخابات مجالس المحافظات على خصوصيتها بالنسبة لكركوك، لكنها أيضا مفصلية بشأن باقي المحافظات باعتبارها ستحدد الطرف المهيمن للعشر سنوات المقبلة على الحكومات المحلية.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق الأحد عن تمديد فترة استقبال قوائم المرشحين لمدة يومين.
وقالت المفوضية إنها قررت “تمديد فترة استقبال قوائم المرشحين لمدة يومين إلى غاية نهاية الدوام الرسمي ليوم الثلاثاء الموافق للثاني والعشرين من أغسطس”.
وكانت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي كشفت في وقت سابق أن عدد المرشحين المسجلين للمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات حتى نهاية الدوام الرسمي ليوم السبت بلغ 348 مرشحا.
ولفتت إلى أن عدد الناخبين المحدثين لبياناتهم إلى غاية الجمعة، وصل إلى 942.406 ألف ناخب بينهم 3331 نازحا، فيما بلغ عدد الناخبين من مواليد 2005 المسجلين الجدد 99.308 ألفا.
وكان مجلس الوزراء العراقي حدد الثامن عشر من ديسمبر موعدا لـ”إجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، التزاما بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في شهر أكتوبر الماضي”.
وستكون هذه أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ العام 2013، حيث تصدّرت حينها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج، وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009.
وبدأ تسجيل القوائم والتحالفات والأحزاب للمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات، في الأول من شهر يوليو. وسيسمح في الانتخابات المقبلة بمشاركة حاملي البطاقات البايومترية فقط، وأيضا إضافة مواليد 2004 و2005 الذين بلغت أعمارهم 18 عاما.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية