موقع بريطاني : بعد سنوات من الانتكاسات، أكثر ما يحتاجه الأكراد هو الوحدة

2023-08-18 10:34:43

ترجمة :عربيةDraw

منذ عام 2003، لعب الأكراد العراقيون دورا مهما في تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة.على مر السنين، نجحوا في تحقيق شبه الاستقلال الذاتي والاستقلال الاقتصادي. ومع ذلك، فقد انخفض تقدمهم بشكل مطرد بسبب سلسلة من السياسات والقرارات الفيدرالية.

بداية الهبوط

في عام 2017، أجرى إقليم كردستان استفتاء على الانفصال بناء على طلب شركائه الرئيسيين داخل الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي، حيث أيد أكثر من 90 في المائة من الناخبين الاستقلال.

أدت هذه الخطوة إلى سلسلة من الإجراءات الانتقامية التي عجلت بالانكماش السياسي والاقتصادي في الإقليم. فرضت الحكومة الفيدرالية العراقية ، إلى جانب إيران وتركيا المجاورتين،عقوبات على الأكراد.

أدت القيود العراقية على صادرات النفط إلى انسحاب حكومة إقليم كردستان إداريا وعسكريا من مناطق واسعة تضم مناطق متنازع عليها بين الأكراد وبغداد، وأبرزها محافظة كركوك الغنية بالنفط. استمر هذا لأكثر من عام، حتى توصل الطرفان إلى تفاهم مؤقت في عام 2018 لتصدير نفط كركوك عبر خط أنابيب حكومة إقليم كردستان إلى تركيا. وفي وقت لاحق، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بوقف تصدير نفط حكومة إقليم كردستان عبر تركيا، ومنع الإقليم من تصدير نفطه بشكل مستقل. ثم حكمت المحكمة العليا ضد تمديد برلمان إقليم كردستان، معلنة أنه غير دستوري بعد دعوى قضائية رفعتها أحزاب المعارضة في أربيل. وسبق القرار أيام من التغييرات المفاجئة في مشروع الموازنة، التي اعتبرها الحزب الديمقراطي الكردستاني" انقلابا على الاتفاقات السياسية " التي أبرمها في إطار ائتلاف إدارة الدولة الذي شكل حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شيع السوداني.

وقالت حكومة إقليم كردستان إن التغييرات التي أدخلت على مشروع الميزانية من قبل أعضاء اللجنة المالية في البرلمان كانت غير دستورية وتتعارض مع الاتفاقية الموقعة بين الحكومتين الإقليمية والاتحادية.

إن التعديلات المفروضة على الموازنة الاتحادية، التي ستطبق على مدى السنوات الثلاث المقبلة، هي الدفعة الأخيرة وليس الأخيرة للضغط على إقليم كردستان وتقويض السلطة والاستقلال اللذين كانا يتمتعان بهما من قبل.

وقد أضعفت حكومة إقليم كردستان أكثر بسبب الانقسام السياسي الداخلي، مما سمح للحكومة الفيدرالية العراقية باستعادة السيطرة بسرعة على النفط في كردستان وعائداته. ويمثل ذلك انتكاسة صارخة للإقليم التي كانت حرة في تصدير نفطه منذ عام 2013.

هناك العديد من العوامل التي ساهمت في تراجع سلطة حكومة إقليم كردستان، بما في ذلك تفضيل المكاسب الحزبية على المصالح الوطنية من قبل الأحزاب الكردية الرئيسية والخلافات السياسية الواسعة بينهما.

ساهم الانقسام المزمن بين الأحزاب المتنافسة،خاصة منذ الاستفتاء على إقامة الدولة في عام 2017، في فقدان إقليم كردستان للنفوذ السياسي. في بغداد وعلى الساحة الإقليمية والدولية،اعتبر المعارضون وحتى بعض الحلفاء المقربين المنطقة ضعيفة وعلى شفا حرب أهلية. والمنطقة منقسمة بشأن مسائل الأمن والمالية والحوكمة نتيجة للتوترات الداخلية التي طالما انتقدتها قوى خارجية.

كما لعب الفشل النسبي للسياسة النفطية لحكومة إقليم كردستان دورا مهما في إضعافالإقليم.

على الرغم من العديد من العقود والاستثمار الأجنبي وخلق فرص العمل، لا يزال الإقليم يعاني من تراكم ديون بقيمة 3.348 مليار دولار لشركات النفط.

كما مهدت التعيينات العشوائية في مؤسسات حكومة إقليم كردستان شديدة الحزبية الطريق إلى الفساد المنهجي الذي وضع الأحزاب السياسية على الناس. وبلغت ذروتها في عجز الحكومة عن دفع الرواتب بشكل منتظم وكامل، حتى بعد سنوات من مبيعات النفط اليومية والمدفوعات المؤجلة على نفقات التصدير. كما أدى فشل الحكومة في الاستثمار في مراكز الدراسات الاستراتيجية إلى عدم وجود سياسة استراتيجية حكيمة من شأنها معالجة القضايا الجيوسياسية المتزايدة. ويدير المؤسسات الكردية القائمة أفراد غير مؤهلين يتم توظيفهم على أسس حزبية.

وقد ساهم استمرار الفساد السياسي والإداري والمالي في الإقليم، على غرار الحالة في العراق، في تدهور مكانته. إن تعيين مرشحين غير لائقين للمناصب الرسمية في الحكومة الاتحادية - سواء كبرلمانيين أو وزراء أو مفاوضين مع الحكومة الاتحادية - قوض دائما مصالح الشعب الكردي.

ولكي يستعيد الإقليم نفوذه ويضمن حقوقه الدستورية بالكامل، يجب أن يعطي الأولوية للتنظيم الذاتي، بما في ذلك بناء المؤسسات المشروعة وتعزيز علاقاته مع البلدان المجاورة والمجتمع الدولي ككل.

ومع ذلك ، فإن أفضل الوسائل المتبقية لاستعادة مكانة إقليم كردستان هي إنهاء الخلاف بين القوى الرئيسية، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وخلق موقف موحد بشأن المصالح الوطنية أثناء التعامل مع الحكومة الفيدرالية.

مسار جديد

في السنوات الأخيرة، أصبحت المحكمة الاتحادية العليا ملجأ لجماعات المعارضة، مثل الأحزاب الإسلامية وحركة الجيل الجديد، التي تسعى إلى عرقلة سلطة الحزبين الحاكمين وانتزاع المكاسب. إن الاتفاقات والتسويات والأعراف التي وضعتها العملية السياسية سيكون لها حتما تداعيات قد تدفع الطرفين الرئيسيين إلى اتباع مسار جديد.

قد يتطلب هذا المسار تمرير قوانين تحدد تنازلات معينة لحكومة الإقليم وصياغة اتفاقيات جديدة تمكنها من مواجهة أحزاب المعارضة المتنامية داخل الإقليم. من المؤكد أن أحكام المحكمة قد تحد من سلطة الطرفين، ولكن ليس إلى الحد الذي قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة.

يواجه إقليم كردستان حملة مخططة جيدا لتقويض سلطته من قبل الحكومة الفيدرالية العراقية والدول المجاورة، تركيا وإيران، من خلال العقوبات وغيرها من الإجراءات.

قبل كل شيء، الوحدة الكردية هي الأساس للحفاظ على الإقليم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتفاوض على حقوقهم مع الحكومة الفيدرالية. يجب تسوية أي نزاعات داخلية بين الأطراف الرئيسية وألا تأتي على حساب المصالح الوطنية.

 المصدر: موقع  “Middle East Eye” البريطاني

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand