قراءة في قانون انتخاب مجلس النواب

2025-02-13 08:33:21
الكاتب والحقوقى / سليمان مصطفى حسن
الانتخابات المقبلة للدورة السادسة لمجلس النواب العراقي، والتي من المقرر أن تجرى بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، إحدى أهم القضايا على صعيد الخارطة السياسية المستقبلية للعراق. وتحتاج إلى العمل، بما في ذلك الإطار الدستوري والقانوني، وإعداد من قبل مفوضية الانتخابات، وتخصيص الموازنة لهذه العملية .
في مقالنا السابق بعنوان (فرصة للإصلاح قبل الدورة السادسة للانتخابات النيابية) سلطنا الضوء على عدة جوانب محددة للانتخابات النيابية، وهنا نحاول أن نقوم بقراءة شاملة للإطار القانوني والتنظيمي في ضوء الدستور.
إن نجاح أي عملية انتخابية تعتمد على التحضيرات الأولية لركيزتي الانتخابات، وهما: تعزيز الإطار القانوني وتعزيز النزاهة في إجراء الانتخابات
الإطار الدستوري :
تؤكد المادة (13) من الدستور على أنه /أولاً: يُعدُ هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق، ويكون ملزماً في انحائه كافة وبدون استثناء.
ثانيا : لايجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو اي نص قــانوني آخــر يتعارض معه
والأهم من ذلك أن المادة (130) من الدستور تنص على أن تبقى التشريعات النافذة معمولا بها،ما لم تلغ أو تعدل وفقا لاحكام هذا الدستور .
وبالإضافة إلى المادتين المذكورتين أعلاه، فإن العديد من المبادئ الأخرى في دستور 2005 تشير إلى سيادة القانون وسيادة الشعب وفصل السلطات و اصدار القوانين وقضايا متعلقة بالانتخابات التي عالجها الدستور في بعض المواد كخارطة الطريق لمجلس النواب العراقي لكي ينظمها بالقوانين، اذا لاحظنا المادة (5) من الدستورالتي تؤكد على ان (السيادة للقانون ، والشعب مصدر السلطات و شرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر و عبر مؤسساته الدستورية) ، وكذلك المادة 6 تؤكد على( يتم تداول السلطة سلمياً عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور ) ، وتنص المادة 20 من الدستور على أن ( للمواطنين، رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح . ولذلك فإن الإطار الدستوري لإصدار قانون انتخاب مجلس النواب يعود إلى المواد (3، 5، 6، 13، 20، 49، 56) وغيرها من المواد ذات الصلة بالموضوع .
ويحدد القانون المتعلق بشروط المرشحين والناخبين وكل ما يتعلق بالانتخابات على وجه الخصوص مع مراعاة الفقرة (ثالثاً) من المادة (49) من الدستور ، وقد أقر مجلس النواب قانون انتخاب مجلس النواب على أساس هذا النص وغيره من النصوص المتعلقة بموضوع القانون .
- الإطار القانوني لقانون انتخابات مجلس النواب:
قانون انتخاب مجلس النواب :
استناداً إلى المواد الدستورية أعلاه، فقد أقر مجلس النواب بعد إقرار الدستور الاتحادي العراقي سنة 2005 قانون الانتخابات لمجلس النواب، من عام 2005 الى عام 2023 تم تعديل او تم الغاء قانون الانتخابات بشكل مستمر فى كافة الدورات الانتخابية،لا شك ان هذا العمل تم استعماله من قبل القوة السياسية المسيطرة بغية حصول الاغلبية لضمان الفوز بالانتخابات، وقد كان لهذا تأثير سلبي على العملية السياسية فى العراق.
هنا لا نعود إلى قانون دورات مجلس النواب السابقة، بل نشير فقط إلى قانون رقم (9) التى تم انتخابات الدورة الخامسة لمجلس النواب بنا على هذا القانون الذي صدر بالقانون رقم (9)لسنة 2020 .
إن ما نتحدث عنه في هذه القراءة هو قانون الانتخاب رقم (9) لسنة 2020 وقانون رقم (4) لسنة 2023 التعديل الثالث لقانون انتخاب مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية والنواحي غير المنظمة في الإقليم.
بدايةً يجب أن نفرق بين القوانين لأن مجلس النواب قام بتعديل قانونين مختلفين لمجلسين مختلفين في قانون واحد
أولاً : قانون مجلس النواب:
القانون رقم (9) لسنة 2020 هو قانون انتخابات مجلس النواب والذي يتكون من (50) مادة وملحق خاص بتقسيم الدوائر الانتخابية ومنشورفي الجريدة الوقائع الرسمية العراقية بالعدد ( 4603 ).
ثانياً: قانون مجالس المحافظات: القانون رقم (12) لسنة 2018 والمكون من (52) مواد ومنشور في الجريدة الرسمية العراقية بالعدد (4494) هو قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي تم تعديله مرتين. وقد تم التعديل الاول بموجب القانون رقم (14) لسنة 2019 ونشر في العدد (4553) من الجريدة الرسمية العراقية. وتم التعديل الثاني بموجب القانون رقم (27) لسنة 2019 والذي نشر في الجريدة الرسمية للوقائع العراقية بالعدد (4456) .
ثالثاً: قانون رقم (4) لسنة 2023 التعديل الثالث لقانون مجلس النواب ومجالس المحافظات والمكون من (26) مادة والمنشور في الجريدة الرسمية للوقائع العراقية .
نأتي بدايةً إلى تفسير قانون مجلس النواب العراقي :
قانون انتخاب مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 هو القانون الذي جرت به الجولة الخامسة من الانتخابات النيابية ، ولكن تم تعديله الآن بالقانون رقم (4) لسنة 2023 من جهة معدلاً ومن جهة أخرى ملغياً، كما ان التعديل لقانونين قد تم مع البعض ، تعديلُ لقانون مجلس النواب العراقي رقم (20) لسنة 2020 و تعديل اخر لقانون مجالس المحافظات والاقضية والنواحي رقم 12 لسنة 2008 .
قانون رقم (4) لسنة 2023 يسمى التعديل الثالث لقانون مجلس النواب وقانون انتخابات مجالس المحافظات!! بنظرنا ان اسم القانون خطأ لأن قانون مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020 لم يتم تعديله وهو تعديل لكلا القانونين ولكن لو كان المشرع ينوي الغاء قانون مجلس النواب كان يجب ان يسمى القانون من الناحية التشريعية (التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات وقانون انتخابات مجلس النواب)هذه من ناحية ، ومن ناحية اخرى اذا نظرنا الى الفقرة الأولى من المادة (25) من القانون رقم (4) لسنة 2023 قد جاءت فيها إلغاء قانون مجلس النواب لأن النص اتى بوضوح : اولا : یلغی قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (٩) لسنە ٢٠٢٠ ) ،بالنتيجة هناك تناقض واضح بين عنوان القانون و مضمونه ، كما انه هناك فروقاً كثيرة بين المصطلحين (التعديل والإلغاء) من الناحية اللغوية والاصطلاحية .
من خلال ما سبق ذكره ووفقاً لنص المادة 130 من الدستور، فإن القانون رقم 9 لسنة 2020 لا يسري في الوقت الحاضر وذلك استناداً الى المادة (130) من الدستور بقولها ((تبقى التشريعات النافذة معمولا بها،ما لم تلغ أو تعدل وفقا لاحكام هذا الدستور)) .
عليه فإن القانون المعمول به الآن هو القانون رقم (4) لسنة 2023 بشأن انتخابات مجلس النواب ويتكون هذا القانون من (26) مادة.
وإذا نظرنا عن كثب إلى محتوى القانون، فإن الإطار القانوني لانتخابات هذه الدورة يكون على النحو التالي:
أولاً، تنص المادة الأولى من القانون على أن هذا القانون يسري على مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية والنواحي، بموجب هذا القانون تم الغاء قانون مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 وفق المادة (25) من ولكن يذكر إلغاء قانون المحافظات والأقضية والنواحي رقم 12 لسنة 2018 بل عدله .
ثانياً، ان الاشارة في التعديل في كلا القانونين مختلفة تماماً .
ثالثا: تنص المادة (7) من القانون رقم (4) لسنة 2024 على انه (تعدل المادة (12) من القانون لتقرأ على النحو التالي (عدد الأصوات الصحيحة لكل قائمة مقسمة على الأرقام 1.7، 3، 5، 7، 9) لتحديد عدد المقاعد).
ان هذا التعديل يعد صحيحاً لقانون مجالس المحافظات لكن المادة (12) في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي موضوع اخر لا تتكلم المادة الى النظم الانتخابي وليس له علاقة بهذا الموضوع الذي عدله فيه قانون مجالس المحافظات ، لكن في ظل التعديل الوارد في هذا القانون فان النظام الذي يتبع في انتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2025 هو نظام التمثيل النسبي على طريقة سانتليغو المعدل.
رابعاً: وفقاً للمادة (9) من القانون رقم (4)لسنة 2024،فان المادة (15) من القانون رقم (9) لسنة 2020م تم تعديلها ، وبحسب محتوى التعديل فانه لن يتم العمل بنظام الفائز الأول ،وبحسب الجدول المرفق بالقانون (320) مقعداً وزعت على المحافظات، وتم تخصيص (9) مقاعد للمكونات، كما نعرف انه تم اجراء عملية تعداد السكاني في اواخر سنة 2024 وكل هذا وتم توزيع المقاعد العامة على المحافظات و كذلك مقاعد للمكونات دون ان تراعي المبادئ المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 49 من الدستور.
خامساً: تم تعديل المادة 16 من القانون انتخاب مجلس الامحافظات رقم 12وفقاً للمادة 10 من القانون رقم 4 لسنة 2023، ومضمون التعديل ينطبق على قانون انتخابات مجالس المحافظات، أما مادة (16) من قانون انتخابات مجلس النواب فهو موضوع آخر.
سادساً: أن ما يستنتج من هذا القانون هو :
1. يعاد تنظيم الدوائر الانتخابية على أساس المحافظات .
2. سيتم استخدام نظام التمثيل النسبي لنظام سانتليجو المعدل، وسيتم تقسيم أصوات الصحيحة لكل قائيمة على اعداد التسلسلية (1.7 ، 3 ،5 ،7 ،9 ،11 الخ)
3. يجب على الناخب في يوم الاقتراع ان يصوت لقوائم الأحزاب، بعدها للمرشحين.
4. يتم إعادة ترتيب مقاعد المرشحين الفائزين حسب عدد الأصوات، أي يتم إتباع طريقة القائمة شبه المفتوحة.
5- يشترط في المرشح أن لا يقل عمره عن 30 عاماً وأن يكون حاصلاً على درجة البكالوريوس، هذا ما اتى به التعديل ، يذكر ان قانون انتخاب مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 الملغي كان ينص على ان يكون المشرح كامل الاهلية و اتم (28) من عمره في يوم الاقتراع وفق الفقرة (اولاً) من المادة (8) منه .
6- سيتم استخدام التسجيل البيومتري والبطاقة الوطنية.
7- سيتم إتباع العد والفرز الإلكتروني.
8. يبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 329 عضواً.
الخاتمة:
كما ذكرنا في بداية المواد الدستورية، وانطلاقاً من هذه المبادئ وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة (25) من القانون رقم (4) لسنة 2023 قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب العراقي و قانون مجالس المحافظات و الاقضية رقم 12 لسنة 2018 تم ألغاء قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020، لكن في محتوى و مضمون القانون الذي يتضمن (26) مادة و تم تعديل بعض المواد وألغاء بعضها دون الإشارة إلى ان هذا التعديل لاي قانون !! كما انه تم اضاقة بعض من المواد دون ان يشيرالى ان هذه المواد ستصبح مادة كذا ولأي قانون تنتمي !! .
لذلك إذا كانت المواد المعنية تقول إن المادة سوف تعدل أو تضاف أو تحذف، وإذا كان المشرع ينوي إلغاء القانون فلماذا الحديث عن التعديلات؟ يجب تعديل قانونين منفصلين عن البعض وليس في داخل قانون واحد، لان كل محتوى كل قانون يختلف عن الاخر حتى وان كانا القانونين متعلقين بالانتخابات لكن هناك مميزات و خاصية لكل قانون مختلفة عن الاخر،عليه نرى ان المشرع العراقي قصداً او سهواً وقع في خطأَ و لم يتبع طريقة العمل بالاجرءات و المباديء الدستورية والقانونية لاصدار هذا القانون ، كما و لم يراعي الشروط الشكلية و الموضوعية فيه، لانه لا يجوز دمج قانونين منفصلين بتعديل في قانون واحد !! .
إذا كان المشرع ينوي إلغاء القانون رقم 9 لسنة 2020 كما ورد في الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 4 لسنة 2024 ، فإنه سيتم تطبيق أحكام القانون رقم 4 لسنة 2023 على الانتخابات النيابية، كما وان هذا القانون لا يكفي لقانون انتخابات مجل النواب العراقي نظراً لوجود اختلاط بين مواد كلا القانونين خلال التعديل الذي تم في سنة 2024، على سبيل المثال تنص المادة 9 من القانون رقم 4 على تعديل المادة 15 من القانون، أساساً المادة (15) هي مادة من القانون رقم (9) لسنة 2020، لذا فالأفضل لمجلس النواب أن يصدر قانوناً جديداً لانتخابات مجلس النواب .
وأخيرا ننهي مقالنا بمثل كردي ونقول (کەنگرو ماست بە وەعدی خۆی) اي ان (العكوب و اللبن في موعدهما )هدفنا هو إعادة تنظيم قانون الانتخابات لمجلس النواب في بقانون مستقل .