العراق يستعد لإعادة فتح حدوده مع سورية بعد مؤتمر القمة العربية
.jpg)
2025-05-01 18:20:21
عربية:Draw
أفادت مصادر حكومية وأمنية عراقية لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، بأنّ الحكومة العراقية تسعى خلال الأسابيع المقبلة لاستئناف العمل بمعبر القائم الحدودي مع سورية. ووفقاً للمصادر ذاتها، فإنّ الموعد المرتقب للخطوة سيكون عقب انتهاء القمة العربية التي من المقرر أن تعقد في بغداد في 17 مايو/ أيار الجاري، ويأتي التطور نتيجة للاتفاقات الأمنية التي جاءت على أثر الزيارتين اللتين أجراهما رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري إلى دمشق واللقاء بالرئيس السوري أحمد الشرع.
وخلال زيارتي الشطري، رفقة مسؤولين من قوات حرس الحدود وهيئة المنافذ الحدودية ووزارة التجارة، إلى دمشق، تركّز حديثه مع الشرع، وعدد من المسؤولين السوريين الحكوميين، حول التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الترتيبات المتعلقة بتأمين الشريط الحدودي المشترك، وتوسعة فرص التبادل التجاري، ومناقشة إمكانية تأهيل الأنبوب العراقي لنقل النفط عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.
ومنذ إسقاط نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأت الحكومة العراقية تنفيذ خطة لتأمين الحدود مع سورية، ومنع عمليات التسلل بين البلدين، واتخذت إجراءات مشددة وعززت وجودها العسكري على الحدود بوحدات قتالية كبيرة، كما جرى إغلاق معبر القائم الحدودي الرئيس بين البلدين، والذي كان يُستخدم في النقل والتبادل التجاري وسفر الأفراد، ولم يُستخدم المعبر إلا وفق مبدأ الاستثناءات من ناحية السماح للأشخاص وبعض الشاحنات بالدخول في كلا الاتجاهين، مع تسهيلات للعراقيين العالقين في الجانب السوري.
واليوم الخميس، قالت مصادر أمنية وحكومية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق سيفتح منفذ القائم مع سورية أمام حركة المسافرين، في الفترة الأولى، وستكون الأولوية للمواطنين السوريين الموجودين في العراق والراغبين بالعودة إلى بلادهم، وكذلك بالنسبة للأسر التي فيها أزواج أو زوجات من كلا البلدين"، وأفادت بأنّ "المرحلة الثانية ستكون الأولوية للبضائع والتبادل التجاري الضروري، ولا سيما أنّ الإغلاق تسبب بخسارة تجار عراقيين ونقص في بعض المنتجات التي كان يستوردها العراقيون من سورية". وأضافت المصادر أنّ "الحكومتين العراقية والسورية تجدان أنّ الوقت صار مناسباً لاستئناف عمل معبر القائم، وزيادة المراقبة الأمنية منعاً لاستغلال المعبر لغايات قد تفكّر فيها بعض العصابات"، وأكدت أنّ "العراق سيعلن استئناف عمل المعبر في الفترة المقبلة، بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في منتصف الشهر الجاري".
من جانبه، قال ضابط عراقي يعمل في قيادة قوات حرس الحدود إنّ "أكبر المشكلات التي واجهتنا خلال الأشهر الماضية هي تمشيط الحدود، فقد كان من الصعب الوصول إلى بعض النقاط التي كانت تسيطر عليها الجماعات المسلحة بالإضافة إلى جيش النظام السوري السابق، وخلال هذه الفترة، ظهرت لدينا أنفاق عديدة كان يستخدمها نظام بشار الأسد لتمرير المخدرات إلى العراق"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "القرار العراقي جاء في صالح الحكومة السورية الجديدة، وهو الكشف عنها وإبلاغ الطرف السوري ثم ردمها".
وسبق أن أعلنت قوى الأمن العام في سورية، في بيان، العثور على نفق يربط العراق بسورية في منطقة البوكمال الحدودية، شرقي محافظة دير الزور، شرقي سورية. ويربط النفق مقرّاً سابقاً للجماعات المسلحة الموالية لإيران ببلدة الهري بريف البوكمال، ويصل طوله إلى 500 متر داخل الأراضي السورية، وفق بيان الأمن العام. وكان النفق يحوي سيارات مجهولة وحمولات من المخدرات.
وتركزت أغلب عمليات التبادل التجاري بين العراق وسورية خلال السنوات الأربع الماضية على المنتجات الزراعية، إلى جانب منتجات منزلية ومنسوجات وصناعات غذائية مختلفة وزيوت ومنظفات وألبسة، من خلال تجار عراقيين وسوريين، نجحت في تغطية جانب من حاجة السوق العراقية. وسبّب إغلاق المعبر الحدودي بين البلدين حالة من الارتباك في السوق المحلية العراقية التي تعتمد في كثير من وارداتها على المنتجات الزراعية والصناعية التحويلية السورية.
سبق أن طالب تجار ورجال أعمال عراقيون بإعادة فتح المعابر الحدودية لدخول الشحنات العالقة على الجانب السوري. وخلال الأشهر الماضية، عملت القوات العراقية والسورية على متابعة ثغور الحدود بين البلدين، وكشفت عن سلسلة أنفاق كانت تستخدمها عصابات تهريب المخدرات التي تعمل لصالح نظام بشار الأسد، وتمكنت من ردم كثيرٍ منها، وما زال العمل مستمراً، وفق مصادر أمنية.
وأغلق العراق، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الحدود العراقية السورية بالكامل بما فيها معبر القائم الحدودي الرئيس بين البلدين والذي كان يستخدم في النقل والتبادل التجاري وسفر الأفراد، معللاً ذلك بأنه لأسباب أمنية. وقال قائم مقام قضاء القائم تركي المحلاوي إنّ "القوات العراقية المنتشرة على الحدود العراقية السورية قادرة على ضبط الأمن وحماية المعبر، وأن قواتنا ليست قليلة، لكن يبدو أنّ الحكومة لديها حسابات أخرى قد لا تكون أمنية فقط"، وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "عودة المعبر إلى العمل ستساعد في عودة الحياة الاقتصادية والتجارية للكثير من العراقيين، لا سيما قضاء القائم الحدودي، ونحن مستعدون لاستئناف العمل، مع العلم أن المعبر لم يتأثر طيلة الأشهر الماضية من النواحي الفنية واللوجستية وهو جاهز تماماً للبدء".
ووفقاً للخبير الاقتصادي العراقي نبيل المرسومي، فإن حجم التبادل بين العراق وسورية قد يتجه خلال الفترة المقبلة إلى الصعود، مؤكداً في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أنّ صادرات سورية للعراق بلغت 58 مليون دولار خلال العام الماضي، مقابل 27 مليون دولار من العراق إلى سورية، واصفاً الأرقام بأنها محدودة جداً. وأضاف أنه بعد توقف صادرات النفط الإيرانية إلى سورية، فمن الممكن أن يحل العراق مكان إيران في تلبية احتياجات النفط السورية، بما في ذلك وقود تشغيل محطات الطاقة الكهربائية.