فرنسا تحرك ورقة الأكراد لإرباك الانفراد التركي بسوريا
2024-12-19 07:24:06
عربية:Draw
خرجت فرنسا عن موجة الإشادات بالدور التركي في سوريا، وطالبت بإدماج السوريين الأكراد تماما في عملية الانتقال السياسي بالرغم من معرفتها لحساسية الموضوع لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ومن الواضح أن فرنسا تريد توظيف التركيز الإعلامي والدبلوماسي الدولي على ما يجري داخل سوريا في إثارة موضوع الأكراد، وتقول لتركيا بأن باريس موجودة ولا يمكن أن تتخلى عن حلفائها الأكراد، في وقت بدا فيه أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل على تبديد التوتر بين الأكراد وتركيا بهدوء وبعيدا عن الأنظار دون أن تتخلى عنهم.
وتريد مختلف الأطراف الابتعاد عن التصعيد بين الأكراد وتركيا والمجموعات الحليفة لها خصوصا بعد زيادة التوتر في منبج، وذلك خوفا من التأثير على حالة الاستقرار الهش في سوريا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأربعاء إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح خلال اتصال هاتفي مع أردوغان أنه يجب أن تكون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الأكراد جزءا من عملية الانتقال السياسي. ثم سعى الوزير الفرنسي لتخفيف كلام ماكرون بالقول إن “فرنسا تعمل على التوصل إلى تفاهم بين تركيا والأكراد في شمال شرق سوريا".
ويتوقع أن يثير كلام بارو -سواء ما نقله على لسان ماكرون أو ما عبر عنه هو مباشرة بقوله “يجب وقف القتال في مدينتي منبج وكوباني شمال شرق سوريا على الفور”- ردة فعل غاضبة من تركيا التي طالما كانت تنتقد خطاب الأوامر الصادر عن باريس.
كما أن أنقرة لن تتعامل بجدية مع فكرة عقد اجتماع حول سوريا “مع الشركاء العرب والأتراك والغربيين في يناير” أعلن عنه بارو الأربعاء، وسترى فيه محاولة من باريس لإيجاد موطئ قدم لها في الملف السوري من خلال البحث عن تمويلات لإعادة الإعمار، وهو الملف الأهم بالنسبة إلى تركيا التي تراهن عليه ليكون من نصيب شركاتها.
وأوفدت فرنسا الثلاثاء إلى دمشق فريقا مؤلفا من أربعة دبلوماسيين أجروا محادثات مع ممثل عينته السلطات الانتقالية. وكانت مهمة الدبلوماسيين تقوم على تفقد السفارة الفرنسية المغلقة منذ 2012، و”العمل على إعادة فتحها بالنظر إلى الظروف السياسية والأمنية.”
وأشاد أردوغان بالخطوة الفرنسية لكونها تصب في صالح تطبيع الأوضاع لفائدة السلطات الجديدة المدعومة من أنقرة. وكتبت الرئاسة التركية في منشور على منصة إكس “خلال الاتصال (مع ماكرون) قال الرئيس أردوغان (…) إنه مرتاح لقرار فرنسا إعادة فتح سفارتها في سوريا".
إضافة إلى فرنسا التي عاد علمها يرفرف فوق سفارتها في دمشق، أوفدت ألمانيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة مبعوثين إلى العاصمة السورية لإقامة تواصل مع السلطات الانتقالية التي تخضع خطواتها الأولى في السلطة لمراقبة لصيقة.
ومن جهتها تسعى السلطات السورية الجديدة، التي يهيمن عليها إسلاميون متشددون، إلى الطمأنة على قدرتها على إحلال السلام في سوريا المجزأة والمدمرة جراء حرب أهلية استمرت أكثر من 13 عاما.
ولا تريد فرنسا التسليم بانفراد تركيا بسوريا، لاعتبارات تاريخية تعود إلى علاقتها بسوريا، ولأن فرنسا مازالت تعمل على الحد من طموح أنقرة للتمدد الإقليمي، وكانت قد عارضت دورها في ليبيا واليونان وقبرص وأذربيجان، في وقت يعمل فيه الأتراك على التمدد في مجال الإرث الاستعماري الفرنسي في أفريقيا من خلال علاقات متطورة مع بلدان مثل مالي والنيجر.
وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الاثنين “أعتقد أن تركيا ذكية جدا… لقد قامت تركيا بعملية استيلاء غير ودية، من دون خسارة الكثير من الأرواح” في سوريا.
وكانت فرنسا تسعى دوما لتأكيد أنها حليفة للأكراد عموما، وخاصة أكراد سوريا. وسبق لماكرون أن أرسل وفدا من تحالف عربي – كردي بقيادة قوات سوريا الديمقراطية.
وتعهد ماكرون بإبقاء جنود فرنسيين (عددهم بالعشرات) إلى جانب قسد وتقديم دعم مالي لإعادة الإعمار وتعزيز الخدمات العامة في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في سوريا.
وفي أغسطس 2022 استنكر نحو مئة برلماني فرنسي سياسة الحرب التي ينتهجها أردوغان ضد الأكراد في شمال سوريا، مطالبين بتوفير الحماية الدولية لهم.
وقال النواب الفرنسيون في بيان إنّ الرئيس التركي “يستغل مكانته المحورية بالنسبة إلى حلف شمال الأطلسي في سياق الصراع في أوكرانيا، للحصول على موافقة الحلف الأطلسي على تكثيف هجماته في شمال سوريا.” وأضافوا أنّ “على الدول الغربية ألا تدير نظرها،” داعين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى “ضمان حماية النشطاء والجمعيات الكردية الموجودة في الأراضي الأوروبية.”
المصدر: صحيفة العرب اللندنية