Draw Media

محافظ المصرف المركزي العراقي يخوض حربا خاسرة على جبهتين

2023-08-16 22:02:25

عربية:Draw

قال محافظ المصرف المركزي العراقي علي العلاق إن مستويات التدقيق التي تخضع لها حسابات المصرف من جانب البنك الفيدرالي الأميركي تشمل تفاصيل غير متوقعة عن الاستيرادات، في إطار المساعي الرامية إلى الحؤول دون عمليات تهريب الدولار. إلا أنه قدم إشارات إلى أن معركته ضد التهريب خاسرة بسبب نشاطات السوق السوداء.

وتوقّع العلاق أن تؤدي التحقيقات في نشاطات بعض البنوك الخاصة المتهمة بتهريب الدولار نحو إيران إلى إغلاق هذه البنوك. واعتبر، في لقاء مع صحافيين في بغداد، أن العراق قطع شوطا كبيرا في تطبيق قيود على المعروض من الدولار الأميركي لكنه يواجه معركة شاقة في ظل نظام مصرفي “غير معتاد على الرقابة الصارمة وتمسك مهربي العملة بنشاطهم".

وأضاف “إنها معركة فعلا لأن المستفيدين من هذا الوضع والمتضررين (من الإجراءات الجديدة) سيحاولون بشتى الطرق مواصلة أنشطتهم غير الشرعية".

وكشف العلاق عن تفاصيل التدقيق باستيرادات العراق قائلا إن “اللجان الدولية تسأل السلطات العراقية عن حقيقة استيراد الأندومي (المعكرونة الجاهزة)، إذ دقق البنك الفيدرالي الأميركي بها وقال هل تحبونه إلى هذا الحد؟”. وأضاف أن “العالم متفاجئ من حب الجيل الجديد من العراقيين للأندومي، بسبب كثرة استيراد العراق له، واللجان الدولية تسألني إذا ما كانت حقيقية أم لا. ولكن هذا كان من ضمن الاستيرادات الغريبة التي حقق البنك الفيدرالي الأميركي فيها".

ويقول مراقبون إن العلاق يخوض معركة خاسرة ليس على جانب الرقابة الأميركية للتحويلات المالية التي ينفذها المصرف فقط، وإنما هي خاسرة أيضا على جبهة المصارف الخاصة التي تنشط في بيع وشراء الدولار من خلال السوق السوداء، فضلا عن استفادتها من منصة البيع اليومية للدولار التي يفتحها المصرف لهذه البنوك وللتجار.

ومعظم المصارف الخاصة تابعة للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران. وهي تحصل على المليارات من الدنانير، المهربة إلى إيران، لشراء الدولار من المصرف المركزي أو من السوق السوداء، لتحويله إلى إيران من جديد. وغالبا ما تتم تغطية هذه العمليات بمستوردات وهمية، أو مبالغ في قيمتها.

وفي حين يقول المصرف إنه ملزم بتوفير الدولار للتجار وللمصارف الخاصة، إلا أنه يعجز عن ضبط أسعار الصرف في السوق السوداء التي تتلاعب بها البنوك الخاصة.

ويحاول المصرف أن يفرض قيودا على التعاملات بالدولار، تشمل تقديم شهادات تثبت الحاجة إلى الدولار في عمليات الاستيراد. إلا أن لا أحد في بغداد يجهل أن هذه الشهادات نفسها قابلة للتزوير، وأن البنوك الخاصة تمتلك فروعا في الخارج توفر لها أوراقا تعاقدية، إن لم تكن مزورة بالكامل، فإنها تنطوي على الأقل على بيانات غير صحيحة.

وترتبط القيود التي يفرضها الفيدرالي الأميركي على المصرف المركزي العراقي بالعقوبات ضد العراق منذ عام 1990، وكانت تهدف إلى عرقلة قدرة العراق على تطوير أسلحة الدمار الشامل، وتشمل قيوداً على تجارة العراق مع العالم الخارجي، وقيوداً على تعاملاته المالية، ما يجعل من الصعب على العراق الوصول إلى التمويل الدولي وإجراء المعاملات المالية بصفة مستقلة.

وبذلك أصبح البنك الفيدرالي الأميركي هو الجهة الوحيدة التي يجري تحويل عائدات النفط العراقي إليها، ولا يستطيع العراق استخدام هذه الأموال، إلا في إطار نظام للرقابة على التحويلات، بما فيها المتعلقة بالتعاقدات الحكومية مع الدول الأخرى والشركات الأجنبية، حيث يقوم البنك الفيدرالي بتنفيذ ما يراه مقبولا منها، ورفض ما تثار الشكوك من حوله. وقد أدى هذا الأمر إلى جعل نافذة بيع الدولار التي يفتحها المصرف العراقي هي النافذة الوحيدة لتوفير الدولار في العراق، وبسببها نشأت المصارف الخاصة التي استفادت منها لتهريب الدولار إلى إيران.

ومنذ يناير الماضي، طلب المصرف العراقي من البنوك الخاصة تقديم معلومات تفصيلية عن جهات إرسال واستقبال التحويلات المالية عبر منصة على الإنترنت.

وقال العلاق إن الشركات بدأت في محاولة استعمال المنصة لكن السلطات الأميركية لم توافق سوى على أقل من 20 في المئة من الطلبات. لكنه أشار إلى أن تلك النسبة ارتفعت حاليا إلى نحو 85 في المئة بما يدل على تعود أكبر على القواعد الجديدة.

وقال العلاق “إنها ليست مجرد منصة إلكترونية، إنها ستؤدي إلى إعادة تنظيم كاملة للتجارة وحركة الأموال، والسيطرة على الكثير من السبل للنشاط المشبوه".

ويرى مراقبون أنه طالما وجدت الأطراف التي تمارس أعمال التهريب سبيلا للحصول على الدينار العراقي نفسه، فإن السوق السوداء تمثل ضمانا كافيا لها للحصول على الدولار.

واعترف العلاق بأن هذه السوق، وليس تعاملات المصرف المركزي، هي الأداة التي يتم استخدامها الآن في أعمال التحويلات غير المشروعة، قائلا إنه “لا وجود للسوق الموازي في العراق والدولار غير الرسمي يأتي من الأسود".

ودافع العلاق عن استقرار الدينار قائلا “إن الذهب هو الضامن الأكبر لمستقبل العملة في العراق، وإن احتياطي المعدن الأصفر بلغ الآن 132 طناً”. إلا أن المراقبين رأوا في هذه الإشارة أن الدينار سوف يبقى محفظة آمنة للذين يشترون الدولار من خلاله.

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

Related Post
All Contents are reserved by Draw media.
Developed by Smarthand